للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانى: أن السلب للثانى، لأنه هو الذى كف شره دون الأول، لأن بعد قطع اليدين يمكنه أن يعدو، أو يجلب وبعد قطع الرجلين يمكنه أن يقاتل اذا ركب.

وان غرر ممن له سهم فأسر رجلا مقبلا على الحرب، وسلمه الى الامام حيا ففيه قولان.

أحدهما: لا يستحق سلبه لأنه لم يكف شره بالقتل.

والثانى: أنه يستحق: لأن تغريره بنفسه فى أسره، ومنعه من القتال أبلغ من القتل، وان من عليه الامام أو قتله استحق الذى أسره سلبه، وان استرقه أو فاداه بمال ففى رقبته وفى المال المفادى به قولان.

أحدهما: أنه للذى أسره.

والثانى: أنه لا يكون له، لأنه مال حصل بسبب تغريره فكان فيه قولان كالسلب.

ثم قال (١): وما أصاب المسلمون من مال الكفار وخيف أن يرجع اليهم ينظر فيه فان كان غير الحيوان أتلف حتى لا ينتفعوا به ويتقووا به على المسلمين، وان كان حيوانا لم يجز اتلافه من غير ضرورة، لما روى عبد الله بن عمرو ابن العاص رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها سأله الله تعالى عن قتلها، قيل:

يا رسول الله وما حقها؟ قال: أن تذبحها فتأكلها ولا تقطع رأسها فترمى بها، وأن دعت الى قتله ضرورة بأن كان الكفار لا خيل لهم، وما أصابه المسلمون خيل وخيف أن يأخذوه ويقاتلونا عليه جاز قتله، لأنه اذا لم يقتل أخذه الكفار وقاتلوا به المسلمين.

واذا أخذ المشركون مال المسلمين بالقهر لم يملكوه، واذا استرجع منهم وجب رده الى صاحبه، لقوله صلّى الله عليه وسلم لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفس منه، وروى عمران بن الحصين رضى الله عنه قال: أغار المشركون على سرح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذهبوا به وذهبوا بالعضباء وأسروا امرأة من المسلمين فركبتها وجعلت لله عليها أن نجاها الله لتنحرنها فقدمت المدينة وأخبرت بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

بئس ما جزيتها لا وفاء لنذر فى معصية الله عز وجل ولا فيما لا يملكه ابن آدم فان لم يعلم به حتى قسم دفع الى من وقع فى سهمه العوض من خمس الخمس ورد المال الى صاحبه لأنه يشق نقض القسمة.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى (٢): اذا دخل حربى دار الاسلام بأمان فأودع ماله مسلما أو ذميا


(١) المرجع السابق ج ٢ ص ٢٤١، ٢٤٢.
(٢) المغنى ج ١٠ ص ٤٣٧، ٤٣٨، ص ٤٣٩.