للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اتّباع

[التعريف به لغة]

تبع الشئ تبعا وتباعا فى الأفعال، وتبعت الشئ تبوعا سرت فى أثره، واتبعه وأتبعه وتتبعه قفاه وتطلبه متبعا له، وكذلك تتبعه وتتبعته تتبعا، والتابع التالى، والاتباع أن يسير الرجل وأنت تسير وراءه، واتبع القرآن ائتم به وعمل بما فيه (١).

وهو لا يخرج فى استعمالات الأصوليين والفقهاء عن هذا المعنى، قال الآمدى:

اتباع القول هو امتثاله على الوجه الذى أقتضاه القول، والإتباع فى الفعل هو التأسى بعينه (٢).

وقال الغزالى: الاتباع هو قبول قول بحجة (٣).

[اتباع الشريعة]

قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:

«ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ» (٤).

فقسم الأمر بين الشريعة التى جعله هو سبحانه عليها وأوحى اليه العمل بها وأمى الأمة بها وبين اتباع أهواء الذين لا يعلمون فأمر بالأول ونهى عن الثانى، وقال تعالى:

«اِتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ» (٥).

فأمر باتباع المنزل منه خاصة، وأعلم أن من اتبع غيره فقد أتبع من دونه أولياء (٦).

[اتباع المستفتى]

قال الآمدى: المستفتى إما أن يكون عالما قد بلغ رتبة الاجتهاد أو لم يكن كذلك فإن كان الأول قد اجتهد فى المسألة وأداه اجتهاده إلى حكم من الأحكام فلا خلاف فى امتناع اتباعه لغيره فى خلاف ما أداه إليه اجتهاده.

وذكر أن الراجح عنده عدم الجواز، وإن لم يكن من أهل الاجتهاد فلا يخلو إما أن يكون عاميا صرفا، لم يحصل له شئ من العلوم التى يترقى بها إلى رتبة الاجتهاد، أو انه قد ترقى عن رتبة العامة بتحصيل بعض العلوم المعتبرة فى رتبة الاجتهاد، فإن كان الأول فقد اختلف فى جواز أتباعه بقول المفتى والصحيح أن واجبه اتباع قول المفتى، وإن كان الثانى فقد تردد أيضا فيه، والصحيح أن حكمه حكم العامى (٧).


(١) لسان العرب لأبن منظور ج‍ ٣٢ ص ٢٨ طبع بيروت وترتيب القاموس المحيط‍ ج‍ ١ ص ٢٩٦ مادة تبع الطبعة الأولى ١٩٥٩ مطبعة الاستقامة بالقاهرة.
(٢) الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى ج‍ ١ ص ٢٤٦ مطبعة المعارف بمصر سنة ١٣٣٢ هـ‍.
(٣) المستصفى المغزالى شرح مسلم ثبوت الطبعه الأولى بالمطبعة الأميرية ببولاق مصر سنة ١٣٢٢ هـ‍.
(٤) سورة الجاثية: ١٨.
(٥) سورة الأعراف: ٣.
(٦) أعلام الموقعين لأبن القيم ج‍ ١ ص ٣٩، إدارة الطباعة المنيرية.
(٧) الإحكام فى أصول الاحكام للآمدى ج‍ ٤ ص ٢٧٨ وما بعدها، الطبعة السابقة.