للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى الشبراملسى نقلا عن السيوطى يجوز للامام اقطاع الموات رقبة فتملك ويترتب على ذلك آثار الملك من بيع وهبة وارث.

وفى النهاية: اقطاع الموات قد يكون تمليكا وقد يكون ارفاقا بحسب المصلحة هذا ومن اقطاع التمليك اقطاع المعادن على التفصيل الآتى لأنها امارة وهى اما ظاهرة واما باطنة فالظاهرة لا يجوز اقطاعها لما روى ثابت بن سعيد عن أبيه عن جده أنه استقطع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ملح المأرب فأقطعه اياه فقال الأقرع ابن حابس وكان حاضرا يا رسول الله انى قد وردت الملح فى الجاهلية وهو بأرض ليس بها ملح ومن ورده أخذه وانما اقطعت مثل الماء العد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذن فلا واسترده (١). والماء العد الماء لا ينقطع مدده.

أما المعادن الباطنة فقد ذهب فريق من الشافعية الى جواز تملكها بالأحياء وعلى هذا القول يجوز اقطاعها لأن كل ما يملك بالاحياء يجوز اقطاعه وذهب آخرون الى أنها لا تملك بالاحياء وعند هؤلاء رأيان أحدهما يجوز اقطاعها وثانيهما لا يجوز كالمعادن الظاهرة وعلى القول بجواز الاقطاع لا يقطع الامام الا بقدر ما يستطيع المقطع له القيام عليه.

[مذهب الحنابلة]

يقسم الحنابلة الاقطاع ثلاثة أقسام:

اقطاع تمليك. واقطاع استغلال. واقطاع ارفاق. وقسم القاضى أبى يعلى اقطاع التمليك الى اقطاع موات واقطاع عام واقطاع معادن وللامام اقطاع الموات لمن يحييه ولا يملكه المقطع له بالاقطاع لأنه لو ملكه بالاقطاع ما جاز استرجاعه قبل الاحياء وقد استرجعه عمر رضى الله عنه من بلال قائلا ان رسول الله لم يقطعك لتحجبه عن الناس وحكم المقطع فى هذه الحال حكم المتحجر فيكون أولى من غيره فى الاحياء ولأنه ترجح بالاقطاع ويسمى هذا النوع أيضا اقطاع تمليك لمآله اليه ولا يقطع الامام الا قدر ما يستطيع المقطع له احياءه. وللامام اقطاع غير الموت تمليكا فيملكه المقطع له بمجرد الاقطاع وله اقطاعه للاستغلال والانتفاع كما يجوز له الاقطاع من مال الجزية والاقطاع من مال الخراج، واقطاع الارفاق: اقطاع الجلوس فى الطريق الواسعة ورحاب المساجد المتسعة ويعد ذلك من اقطاع الشرفة ولا يترتب عليه تملك وانما يترتب عليه أولوية الجلوس فى المكان بمنزلة السابق اليه فلا يسقط‍ حقه بنقل متاعه منه بخلاف السابق ما لم يرجع الامام فيه.

واقطاع الامام مشروط‍ بوجود المصلحة المسوغة للاقطاع وقت صدوره مع اشتراط‍ دوامها فاذا انعدمت بعد ذلك جاز للامام الاسترجاع لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما ولا يجوز للامام اقطاع مالا يجوز احياؤه. مما قرب من العامر وتعلق بمصالحه، لأنه فى حكم المملوك من العامر، وما لا يتعلق بمصالح العامر ملك بالاحياء كالبعيد عنه،


(١) نهاية المحتاج وحاشية الشبراملسى عليه ج‍ ٥ ص ٣٢٩ وما بعدها.