يترتب على افلاس الشخص افلاسا خاصا منعه من كل التصرفات التى سبق ذكرها فى تصرفات المفلس قبل الحكم بافلاسه والحجر عليه وهو الافلاس العام، لانه كلما وجد الافلاس الخاص وجد الافلاس العام ولا عكس اذ قد يقوم الدائنون على المديون من غير ان يرفعوا الامر الى القاضى فيمنع المفلس افلاسا خاصا من كل تصرف مالى بيده من مال كبيع وشراء وتأجير واستئجار وزواج ونحوه سواء كان بغبن ومحاباة ام لا فان وقع منه شئ من هذه التصرفات لم يبطل بل يوقف على نظر الدائنين ورأيهم فى حالة اتفاقهم او نظر القاضى ورأيه عند عدم اتفاق الدائنين واختلافهم فى رد وامضاء هذا التصرف منه. وكذلك يمنع من جميع التبرعات كالهبة والصدقة ونحوها بالاولى، لانه يمنع من ذلك بمجرد احاطة الدين بماله قبل الحكم بافلاسه والحجر عليه كما سبق.
اما ان التزم المفلس شيئا فى ذمته لغير الدائنين على ان يوفيه من مال يحدث له غير الذى حجر عليه فيه كأن يقترض شيئا فى ذمته او يشترى او يستأجر بشئ فى ذمته الى أجل معلوم فلا يمنع من دفع ما التزمه فى ذمته من المال الحادث له لكن اذا بقى من هذا المال شئ بعد وفاء الدين الذى فى الذمة وكان دين الدائنين باقيا عليه فلهم منعه من التصرف فى هذا المال الباقى حتى يوفيهم دينهم. وان اقر بدين فى ذمته فإنه يقبل منه اذا أقر به لمن لا يتهم عليه فى المجلس الذى حكم بافلاسه او قام الدائنون عليه فيه او قريبا منه عرفا، فيدخل المقر له حينئذ مع الدائنين فى قسمة المال. وذلك بشرط ان يكون الدين الذى حكم بخلع مال المفلس لاجله أو قام الدائنون عليه لاجله قد ثبت باقرار المفلس أيضا واما ان كان ثابتا بالبينة الشرعية فان اقرار المفلس به فى المجلس او قربه لا يقبل ولا يفيد شيئا بالنسبة الى المال الموجود فى يده حتى ولو علم تقدم معاملة بين المقر والمقر له.
اما بالنسبة لتعلقه بذمته فيقبل ويفيد فيما تجدد للمفلس من مال بعد الحجر عليه. ويكون من حق المقر له حينئذ ان يقاسم الدائنين فى هذا المال الحادث. وكذلك يتعلق بذمة المفلس ما اقر به من دين لمن لا يتهم عليه بعد مجلس الافلاس بمدة طويلة عرفا او لمن يتهم عليه كابن وأخ وزوج حتى ولو كان الدين الاول الذى فلس بسببه ثابتا باقراره، فلا يدخل المقر له فى قسمة مال المقر المفلس مع الدائنين الا بالنسبة للمال الحادث له بعد الافلاس فقط، وهذا هو المعتمد. وقيل: يقبل اقرار المفلس سواء كانت الديون ثابتة عليه باقرار أو بينة واختاره بعض الشيوخ واستظهره ابن عبد السّلام ولمالك فى الموازية قول ثالث هو: ان من اقر له المفلس ان كان يعلم تقدم مداينة وخلطة بينه وبين المقر حلف المقر له ودخل فى قسمة مال المفلس مع من له بينة بدينه.
ويقبل اقرار المفلس افلاسا خاصا أو عاما وتعيينه مال المضاربة الذى تحت يده أو الوديعة بأن يقول:
هذا المال مضاربة تحت يدى أو وديعة لفلان وذلك بشرط أن تقوم بينة بأصل ما ذكر بأن تشهد تلك البينة بأن عنده مال مضاربة أو وديعة لفلان أو على اقراره بذلك قبل تفليسه ويقبل منه ذلك سواء كان المتهم عليه م لا، وسواء كان بالمجلس وقربه أم لا على المعتمد، فان لم تقم بينة بأصل ذلك فلا عبرة باقراره ولا تقبل تعيينة ما ذكر سواء كان المفلس صحيحا او مريضا، وكذلك لا يقبل اقراره بذلك ان لم يعين المال بأن قال: لفلان عندى وديعة أو مال مضاربة وهذا كله هو ما ذهب اليه ابن القاسم خلافا لاصبغ حيث قال: يقبل تعيين المفلس لمال المضاربة والوديعة ولو لم تشهد بينة بأصلهما، واختاره اللخمى. والمختار قبول قول الصانع اذا افلس فى تعيين ما بيده لاصحابه بلا بينة بأصله، ويكتفى بقوله: هذا الثوب أو هذا الغزل مثلا لفلان مع يمين المقر له، لان الشأن ان ما بيد الصانع هو امتعة الناس وليس العرف والعادة الاشهاد عليه عند الدفع ولا يعلم صاحبه لا من قوله فيبعد ان يقربه لغير صاحبه. وسواء كان فلان ممن يتهم عليه ام لا، وسواء كان الاقرار بمجلس التفليس وقربة ام لا.
ولا يمنع المفلس من تصرف لا يضر بحقوق الدائنين مثل خلع الرجل لزوجته فإنه يجوز وينفذ، لانه قد يأخذ منها ما لا يستعين به على قضاء دينه أو تحط عنه