للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره فان اختارت نفسها فى قوله: اختارى كانت واحدة بائنة، ولا يكون ثلاثا، وان نوى الزوج ذلك لأن الاختيار لا يتنوع بخلاف الابانة لأن البينونة قد تتنوع، ولو قال لها: اختارى نفسك فقالت: اخترت تقع واحدة بائنة لأن كلامه مفسر، وكذا لو قال: اختارى اختيارة فقالت اخترت لأن الهاء فى الاختيارة تنبئ عن الاتحاد والانفراد، واختيارها نفسها هو الذى يتحد مرة ويتعدد أخرى فسار مفسرا من جانبه ولو قال لها اختارى فقالت: اخترت نفسى يقع الطلاق اذا نوى الزوج ولو قال:

اختارى فقالت أنا اختار نفسى فهى طالق والدليل هو حديث عائشة رضى الله تعالى عنها فانها قالت: لا بل أختار الله ورسوله، واعتبره النبى صلى الله عليه وسلم جوابا منها.

ولو قال لها: اختارى اختارى اختارى.

فقالت: قد اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة طلقت ثلاثا فى قول أبى حنيفة، ولا يحتاج الى نية الزوج وقال محمد وأبو يوسف تطلق واحدة وانما لا يحتاج الى نية الزوج هنا لدلالة التكرار عليه اذ الاختيار فى حق الطلاق هو الذى يتكرر لها، ولو قالت:

اخترت اختيارة فهى ثلاث فى قولهم جميعا لأنها للمرة فصار كما اذا صرح بها ولأن الاختيارة للتأكيد وبدون التأكيد تقع الثلاث فمع التأكيد أولى.

ولو قالت قد طلقت نفسى أو اخترت نفسى بتطليقة فهى واحدة يملك الزوج معها الرجعة لأن هذا اللفظ‍ يوجب الانطلاق بعد انقضاء العدة فكأنها اختارت نفسها بعد العدة، وان قال لها: أمرك بيدك فى تطليقة أو اختارى تطليقة فاختارت نفسها فهى واحدة يملك الزوج الرجعة فيها لأنه جعل لها الاختيار لكن بتطليقة وهى معقبة للرجعة بالنص (١).

[مذهب المالكية]

ومن قال لزوجته: اختارى نفسك ففعلت فعلا محتملا كأن نقلت قماشها أو سترت وجهها منه أو بعدت عنه فهل يعتبر ذلك طلاقا أم لا؟ تردد محله اذا لم تنو به الطلاق والا كان طلاقا اتفاقا، ولو لم تقم قرينة على الطلاق، ويقبل منها تفسير قولها الذى يحتمل الطلاق والرد نحو قولها: اخترت البقاء فى عصمتك أو قولها أردت الطلاق وان قالت أردت بقاء التخيير فيحال بينهما حتى تجيب، ومن فوض الطلاق لزوجته على سبيل التخيير قبل الدخول بها فأوقعت أكثر من طلقة فله أن يناكرها فيما زاد عليها بأن يقول: ما أردت الا طلقة واحدة وأما بعد البناء فليس له مناكرتها (٢).

[مذهب الشافعية]

اذا قال لامرأته: اختارى أو أمرك بيدك فقالت: اخترت لم يقع الطلاق حتى ينويا لأنه كناية تحتمل الطلاق وغيره فلم يقع به الطلاق حتى يتفقا على نية الطلاق، وان


(١) فتح القدير ح‍ ٣ من ص ٩٩ الى ص ١٠٧ الى ص ١١٤ الطبعة السابقة.
(٢) الشرح الكبير ح‍ ٢ من ص ٤٠٦ إلى ص ٤٠٧، ص ٤٠٨ الطبعة السابقة.