للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به قيمته أخذ الزيادة وقاسم الدائنين بما بقى له من الأجرة (١).

وفى جواز إمساك المستأجر لنماء العين المستأجرة كالولد بدون إذن المالك وجهان: فقيل: بجواز إمساكه بدون إذن المالك تبعا لأصله. وقيل: لا يجوز ذلك. خرج ذلك القاضي وابن عقيل.

وإن أمسك المستأجر العين المستأجرة بعد انقضاء مدة الإجارة وبعد طلب المؤجر لها بغير عذر صارت مضمونة عليه كالمغصوبة. وكذلك الحكم إذا أمسك نماء العين المستأجرة بعد طلب المالك له (٢). وقال أبو الحارث عن أحمد في رجل استأجر دابة في عشرة أيام بعشرة دراهم فإن حبسها أكثر من ذلك فله بكل يوم درهم فهو جائز (٣).

[إمساك مال المضاربة والشركة]

للمضارب أن يشترى المعيب -وله إمساكه- إذا رأى المصلحة فيه، لأن المقصود الربح وقد يكون الربح في المعيب. فإن اشتراه يظنه سليما فبان معيبا فله فعل ما يرى المصلحة فيه من رده بالعيب أو إمساكه وأخذ أرش العيب.

وإن اختلف العامل وصاحب المال في الإمساك والرد فعل ما فيه النظر والحظ لأن المقصود تحصيل الحظ فيحمل الأمر على ما فيه الحظ والمصلحة.

وأما الشريكان إذا اختلفا في رد معيب وإمساكه فإنه يكون لطالب الردّ رد نصيبه وللآخر إمساك نصيبه إلا أن يكون البائع لم يعلم أن الشراء لهما جميعا فلا يلزمه قبول رد بعضه، لأن ظاهر الحال أن العقد لمن وليه فلم يجز إدخال الضرر على البائع بتبعيض الصفقة عليه.

ولو أراد الذي ولى العقد رد بعض المبيع وإمساك البعض كان حكمه حكم ما لو أراد شريكه ذلك على ما فصلناه (٤).

[إمساك الشقص المشفوع]

وإذا أخذ الشفيع بالشفعة فللمشترى إمساك الشقص المشفوع وحبسه عن الشفيع. حتى يقبض الثمن، فإن كان موجودا سلمه، وإن تعذر في الحال قال أحمد في رواية حرب: ينظر الشفيع يوما أو يومين بقدر ما يرى القاضي فإن كان أكثر فلا (٥) انظر مصطلح شفعة.

[إمساك الوديعة]

إن عين صاحب الوديعة جيب المودَع (بفتح الدال) لحفظ الوديعة بأن قال له: اجعلها في جيبك ضمن إن ضاعت وقد أمسكها في يده أو جعلها في كمه، لأن الجيب أحرز وربما نسى فسقطت من يده أو كمه، ولا يضمن في عكسه بأن عيّن له إمساكها في يده أو كمه فجعلها في جيبه، لأنه أحرز.

وإن قال صاحب الوديعة للمودّع: اجعلها في كمك فأمسكها في يده ضمنها، لأن اليد يسقط منها الشئ بالنسيان بخلاف الكمّ.

وكذلك يضمن في عكسه بأن قال له: أمسكها في يدك فجعلها في كمه، لأن الكم


(١) المرجع السابق جـ ٢ ص ٣١٥، ٣١٦.
والمغنى لابن قدامة مع الشرح الكبير جـ ٦ ص ١١٦ الطبعة السابقة.
(٢) كشاف القناع السابق جـ ٣ ص ٣٢١.
(٣) المغنى لابن قدامة السابق جـ ٦ ص ٨٦.
(٤) المغنى لابن قدامة جـ ٥ ص ١٥٤، ١٥٥ الطبعة الثالثة بمطبعة دار المنار سنة ١٣٦٧ هـ.
(٥) المرجع السابق ص ٥٠٩.