للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثنى قال حدثنى خالد بن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: على المرء الطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فلا طاعة … فإن أمر بمعصية فلا طاعة.

فإذا كان معلومًا أنه لا طاعة واجبة لأحد غير الله أو رسوله أو إمام عادل .. وكان الله قد أمر بقوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} بطاعة ذوى أمرنا - كان معلومًا أن الذين أمر بطاعتهم تعالى ذكره من ذوى أمرناهم الأئمة ومن ولاة المسلمون دون غيرهم من الناس وإن كان فرضا القبول من كل مَنْ أمر بترك معصية الله ودعا إلى طاعة الله وأنه لا طاعة تجب لأحد فيما أمر ونهى فيما لم تَقُم حجة وجوبه إلا للأئمة الذين ألزم الله عباده بطاعتهم فيما أمورا به رعيتهم مما هو مصلحة العامة الرعية .. فإن على من أمروه بذلك طاعتهم .. وكذلك فيما لم يكن لله معصية .. وإذا كان ذلك كذلك كان معلوما بذلك صحة ما اخترنا من التأويل دون غيره.

وقال أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود الألوسى في تفسيره (١) عند تفسير هذه الآية: "بعدما أمر سبحانه ولاة الأمور بالعموم أو بالخصوص بأداء الأمانة والعدل في الحكومة أمر الناس بإطاعتهم في ضمن إطاعته عز وجل وإطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال عز من قائل: {أَطِيعُوا اللَّهَ} أي ألزموا طاعته فيما أمركم به ونهاكم عنه {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} المبعوث لتبليغ أحكامه إليكم في كل ما يأمركم به وينهاكم عنه أيضا ..

وعن الكلبى: أطيعوا الله في الفرائض وأطيعوا الرسول في السنن .. والأول أولى وأعاد الفعل .. وإن كانت طاعة الرسول مقترنة بطاعة الله تعالى اعتناء بشأنه عليه الصلاة والسلام وقطعا لتوهم أنه لا يجب امتثال ما ليس في القرآن وإيذانا بأن له - صلى الله عليه وسلم - استقلالا بالطاعة لم يثبت لغيره .. ومن ثم لم يعد في قوله سبحانه {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} إيذانا بأنهم لا استقلال لهم فيها استقلال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ..

[واختلف في المراد بهم]

فقيل: أمراء المسلمين في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبعده .. ويندرج فيهم الخلفاء الراشدون والقضاة وغيرهم ..

[وقيل المراد بهم أمراء السرايا ..]

وروى ذلك عن أبى هريرة وميمون بن مهران وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدى وأخرجه ابن عساكر عن أبى صالح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: بعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد في سرية وفيها عمار بن ياسر .. وساق القصة التي نقلناها سابقا عن تفسير ابن جرير الطبرى .. وقال: فأنزل الله تعالى هذه الآية. ووجه التخصيص على هذا أن في عدم إطاعتهم ولا سلطان ولا حاضرة مفسدة عظيمة ..

وقيل المراد بهم أهل العلم: وروى ذلك غير واحد عن ابن عباس وجابر بن عبد الله ومجاهد - والحسن وعطاء وجماعة .. واستدل عليه أبو العالية بقوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فإن العلماء هم المستنبطون المستخرجون للأحكام ..

وحمله كثير - وليس ببعيد - على ما يعم الجميع لتناول الاسم لهم لأن للأمراء تدبير أمر الجيش والقتال .. وللعلماء حفظ الشريعة وما يجوز مما لا يجوز .. واستشكل إرادة العلماء لقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ}