فقال: «وفى ظنى أنه لا خلاف بينها فى المعنى، لأن من جعل الموضوع الأدلة، جعل المباحث المتعلقة بالأحكام راجعة الى أحوال الأدلة (يعنى: لا يلغى المسائل الباحثة عن أحوال الأحكام التى تذكر فى هذا الفن، ولا يسقطها من مسمى الأصول، بل يرجعها الى المسائل الباحثة عن أحوال الأدلة - بنوع من التأويل).
ومن جعله الأحكام، جعل المباحث المتعلقة بالأدلة راجعة الى أحوال الأحكام. تقليلا لكثرة الموضوع، فانه أليق بالعلوم.
ومن جعله كلا الأمرين فقد أراد التوضيح والتفصيل (واستراح من مشقة التأويل) ا. هـ.
لكن هذا كما ترى يؤدى الى نفى الخلاف فى اعتبار المسائل التى ذكرت فيه، سواء تعلقت بالأدلة أم بالأحكام من علم الأصول. لا الى نفى الخلاف فى الموضوع نفسه.
فالحق أن الخلاف فى الموضوع معنوى، وليس بلفظى.
ويؤكد ذلك أن بعض المحققين - كالقاضى البيضاوى، والتاج السبكى - جعل كثيرا من مباحث الأحكام من قبيل المقدمات، وصدرها أمام المقصود بالذات.
شرف علم الأصول وفضله
وفائدته وثمرته
أن علم أصول الفقه - بلا ريب - لأشرف من سائر علوم العربية: لشرف موضوعه، ولأن هذه العلوم وسائل بالنسبة اليه، ولأنه أقرب الوسائل الى الفقه.
وذكر بعضهم أنه أشرف من علمى التفسير والحديث، لعموم موضوعه - بالنسبة اليها - ولو من وجه.
وعلى كل: فهو من أفضل العلوم وأعظمها قدرا، وأرفعها ذكرا وأبلغها أثرا.
وأن له - من الفوائد المتنوعة العظيمة والآثار الحميدة العميمة ما لا يجمعه الحصر، ولا يأتى عليه الذكر.
١ - فمن أهم فوائده: التمكن من نصب الأدلة السمعية على مداولاتها، ومعرفة كيفية استنباط الأحكام الشرعية منها.
وما ذكره الآمدى وغيره: «من أن فائدته وغايته: الوصول الى معرفة الأحكام الشرعية التى هى مناط السعادة الدينية والدنيوية وسبب الفوز بها فى الدنيا والآخرة أو: نفس هذه المعرفة.