للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدخل فى قلبك شك أنه الحق، وكلما جاءك شئ غير ذلك فلا تلتفت إليه ولا تعبأ به (١).

ثم استمر صاحب طلعة الشمس فى التعقيب على ما اشتهر نقله عن مالك فقال:

«إن أكابر علماء الصحابة كانوا خارجين عن المدينة، وهذا يستلزم ألا يعتد بخلافهم، وهو من البعد بمنزلة لا تخفى على ذوى الألباب، فإن عليا وابن مسعود وأبا موسى وغيرهم كانوا بالكوفة، وأنس فى البصرة، وأبو الدرداء بالشام، وسلمان فى المدائن، وأبو ذر كان فى الربذة، ومن المحال ألا يعتد بخلاف هؤلاء لأهل المدينة، فبطل ما زعموا.

هذا ما قاله صاحب المنهاج، وهو من الحسن بمنزلة لا تخفى» (٢).

سابعا: إجماع الخلفاء الراشدين

«لا ينعقد الإجماع عند الجمهور باتفاق الخلفاء الأربعة أو الخمسة، فيما لو عد الحسن بن على رضى الله عنه (٣)، مع وجود المخالف لهم من الصحابة رضى الله عنهم، ولا ينعقد من باب أولى باتفاق الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما.

وذلك لما سبق من أن الدلالة الدالة على اعتبار الإجماع حجة متناولة لإجماع أهل الحل والعقد كلهم فلا خصوصية للخلفاء الراشدين.

ونقل الآمدى وغيره عن أحمد بن حنبل، فى إحدى روايتين عنه، أنه يرى إجماع الخلفاء الأربعة حجة.

وكذلك نقل هذا عن القاضى أبى حازم من أصحاب أبى حنيفة (٤)، وعن بعض الظاهرية (٥)، وعن ابن البنا من الحنابلة (٦)، وحجة من قال بإجماع الأربعة، أو الخمسة، قوله عليه الصلاة والسلام: «عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى، عضوا عليها بالنواجذ»، فقد أوجب اتباع سنتهم كما أوجب اتباع سنته، والمخالف لسننه لا يعتد بقوله، فكذلك المخالف لسنتهم.

وحجة من قال: بإجماع الشيخين قوله عليه الصلاة والسلام: «اقتدوا بالذين من بعدى أبى بكر وعمر».

قال الآمدى: وهذا معارض بقوله عليه الصلاة والسلام: «أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم أهديتم»، وليس العمل بأحد الخبرين أولى من العمل بالآخر، فبطل الاستدلال بحديث «عليكم بسنتى»، وحديث «اقتدوا بالذين من بعدى» (٧).


(١) المصدر السابق فى الموضع نفسه.
(٢) ص ٨٠ ج‍ ٢ من طلعة الشمس فى أصول الإباضية مع قليل من التصرف، ومثله فى كتاب هداية العقول فى أصول الزيدية ص ٥٣٨ وما بعدها ج‍ ١ وفى غير ذلك من كتب الأصول.
(٣) انظر حواشى هداية العقول ص ٥٤١ ج‍ ١ للزيدية.
(٤) الأحكام للآمدى ص ٣٥٧ ج‍ ١ وشرح الإسنوى ص ٨٨١.
(٥) ص ٨١ ج‍ ٢ من طلعة الشمس.
(٦) روضة الناظر ص ٣٦٦ ج‍ ١ انظر الحاشية.
(٧) الأحكام للآمدى ج‍ ١ ص ٣٥٧.