للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخرج عن الكفالة، وكذا إذا عزل الأمير وولى غيره فدفعه إليه عند الثاني لأن التسليم عند كل من ولى فلك محصل للمقصود فلم يكن التقييد مفيدا فلا يتقيد (١). ولو كفل بنفس رجل فإن لم يواف به غدا فعليه ما عليه وهو كذا فلقى الرجل الطالب فخاصمه الطالب ولازمه فالمال على الكفيل وإن لازمه إلى آخر اليوم لأنه لم يوجد من الكفيل الموافاة به، ولو قال الرجل للطالب: قد دفعت نفسى إليك عن كفالة فلان يبرأ الكفيل من المال سواء كانت الكفالة بالنفس بأمره أو لا لأنه أقام نفسه مقام الكفيل في التسليم عنه فيصح التسليم كمن تبرع بقضاء دين غيره فإنه هناك لا يجبر على القبول وهنا يجبر عليه، والفرق أن انعدام الجبر على القبول في باب المال للتحرز عن لحوق المنة المطلوبة من جهة المتبرع لأن نفسه ربما لا تطاوعه بتحمل المنة فيتضرر ربه وهذا المعنى هنا معدوم لأن تسليم نفسه واجب عليه ولا منة في أداء الواجب سواء كانت الكفالة بالنفس بأمره أو بغير أمره لأن نفسه مضمون التسليم في الحالين (٢).

[مذهب المالكية]

جاء في التاج والإكليل أن ابن شاس رحمه الله تعالى قال: من أحكام الضمان أن للكفيل إجبار الأصيل على تخليصه إذا طولب، وليس له ذلك قبل أن يطالب ولا يلزم تسليم المال إليه ليؤديه إذا لو هلك لكان من الأصيل. قال في المدونة ليس للكفيل أخذ الغريم بالمال قبل أن يؤخذ منه إلا أن يتطوع به الغريم لأنه لو أخذه منه ثم أعدم أو فلس كان للذى له الدين أن يتبع الغريم (٣). قال ابن الحاجب رحمه الله تعالى: للضامن المطالبة بتخليصه عند الطلب قال ابن عبد السلام: يعنى أن رب الدين إذا توجه له الطلب على غريمه فسكت عنه أو نص على تأخيره فللحميل أن لا يرضى بذلك ويقول لرب الدين إما أن تطلب حقك من الغريم معجلا وإلا أسقط عنى الحمالة لأن في ترك المطالبة بالدين عند وجوبه ضررا بالحميل لاحتمال أن يكون الغريم موسرا الآن ويعسر فيما يستقبل وإنما تصح المطالبة إذا كان الغريم موسرا، وأما إن كان معسرا فلا مقال للحميل لأن الطلب لم يتوجه على الغريم في هذا الحال. وقال في الجواهر: للكفيل إجبار الأصيل على تخليصه إذا طلب، وليس له ذلك قبل أن يطلب (٤).

[مذهب الشافعية]

جاء في مغنى المحتاج أنه إذا عين الكفيل في الكفالة مكان التسليلم تعين تبعا لشرطه وإن لم يعين مكانا فمكان الكفالة يتعين كما في السلم فيهما، وكلامهم يفهم أنه لا يشترط بيان موضع التسليم، وإن لم يصلح له موضع التكفل كاللجة أو كان له مؤنه وهو مخالف لنظيره في السلم المؤجل فيحتمل أن يلحق به ويحتمل خلافه أخذا بمفهوم كلامهم، ويفرق بأن السلم عقد معاوضة والتكفل محض التزام وهذا هو الظاهر، ويحمل


(١) المرجع السابق جـ ٦ ص ١٢ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق جـ ٦ ص ١٣ نفس الطبعة.
(٣) التاج والإكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق جـ ٥ ص ١٠٥ في كتاب على هامش مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربى الرعينى المعروف بالحطاب الطبعة الأولى سنة ١٣٢٩ هـ.
(٤) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب حـ ٥ ص ١٠٥، ص ١٠٦ في كتاب على هامشه التاج والإكليل للمواق الطبعة السابقة.