للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجنس من حيث إنه فرد اعتبارى حتى إذا قال الزوج لامرأته "طلقى نفسك" فإنه يقع على الواحدة إلا أن ينوى الزوج الثلاث فيقع الثلاث إن طلقت نفسها ثلاثًا.

وإنما احتيج فيه إلى النية لأنه يحتمل ولا تعمل نية الثنتين فلو نوى الزوج من قوله "طلقى نفسك" طلقتين لا يصح لأنه ليس بفرد حقيقة ولا اعتبارًا.

والحاصل أن الفرد الحقيقى موجبه والاعتبارى محتمله والعدد لا موجبه ولا محتمله والأصل أن موجب اللفظ يثبت باللفظ ولا يفتقر إلى النية ومحتمل اللفظ لا يثبت إلا إذا نوى وما لا يحتمله اللفظ لا يثبت وإن نوى.

إلا أن تكون المرأة أمَة فتصح نية الثنتين لأنهما جنس طلاقها لأن صيغة الأمر مختصرة من طلب الفعل بالمصدر الذي هو فرد سواء فرد معرفًا أو منكرًا.

ثم قال ابن الملك (١):

هذا دليل المذهب المختار وهو أن الأمر لا يوجب التكرار ولا يحتمله وبين الفرد والعدد تناف لأن الفرد ما لا تركيب فيه والعدد مركب فالفرد لا يقع على العدد.

ثالثًا: رأى المتأخرين من الحنفية والشافعية:

[١ - قال صدر الشريعة]

مطلق الأمر عند عامة علمائنا لا يحتمل العموم أو التكرار أصلًا لأن لفظ المصدر فرد إنما يقع على الواحد الحقيقى وهو مستيقن أو مجموع الأفراد لأنه واحد من حيث المجموع وذا محتمل لا يثبت إلا بالنية لا على العدد المحض.

ففى قوله "طلقى نفسك" يوجب الثلاث على مذهب القائلين بأنه يوجب العموم في الأفراد والتكرار في الزمان ويحتمل الاثنين والثلاث عند الشافعي القائل بأنه لا يوجب العموم والتكرار ولكن يحتمله. وعندنا يقع على الواحد ويصح نية الثلاث لا الاثنتين لأن الثلاث مجموع أفراد الطلاق فيكون واحدًا اعتباريًا ولا يصح فيه الاثنان لأن الاثنين عدد محض لا دلالة لاسم الفرد على العدد.

وهذه المسألة لبيان ثمرة الخلاف بين المذاهب الثلإثة. ومسألة أخرى لبيان ثمرة الخلاف بين المذهب وبين القائلين بأن الأمر لا يحتمل التكرار إلا أن يكون معلقًا بشرط وهى قوله: "إن دخلت الدار فطلقى نفسك" فعلى ذلك المذهب ينبغى أن يثبت التكرار لا عندنا (٢).

ويعلق السعد على ذلك فيقول (٣):

مذهب عامة علماء الحنفية أن الأمر لا يحتمل العموم والتكرار بل هو للخصوص والمرة سواء كان مطلقًا مثل ادخل الدار أو معلقًا بشرط أو وصف مثل إن دخلت السوق فاشتر اللحم لا يقتضى إلا اشتراء اللحم مرة واحدة وإنما يستفاد العموم والتكرار من دليل خارجى كتكرار السبب مثلًا. وهذا معنى قول الإمام السرخسى: المذهب الصحيح عندنا أنه لا يوجب التكرار ولا


(١) شرح المنار ص ١٤٢.
(٢) التوضيح والتلويح جـ ٢ ص ٦٩.
(٣) المصدر السابق ص ٧٢.