للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أنه فرض على من أودعت عنده وديعة أن يحفظها ويردها الى صاحبها اذا طلبها منه لقول الله تعالى: {وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى} (١)» ولقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها» (٢) ومن البر حفظ‍ مال المسلم أو الذمى وقد صح نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اضاعة المال (٣). فان تلفت من غير تعد منه ولا تضييع لها فلا ضمان عليه فيها، لأنه اذا حفظها ولم يتعد ولا ضيع فقد أحسن والله تعالى يقول: «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» (٤) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن دماءكم وأموالكم عليكم حرام (٥)».

فان تعدى المودع فى الوديعة أو اضاعها فتلفت لزمه ضمانها.

ولو تعدى على بعضها دون بعض لزمه ضمان ذلك البعض الذى تعدى فيه فقط‍ لأنه فى الاضاعة أيضا متعد لما أمر به (٦).

[مذهب الزيدية]

جاء فى التاج المذهب أن الوديعة أمانة فلا تضمن اذا تلفت عند الوديع وان ضمن الا لتعد منه كاستعمال نحو أن يلبس الثوب أو يركب الدابة فيضمن ما تلف، لأنه قد صار غاصبا ما لم يجر عرف بذلك أو يظن الرضا.

وكذا اذا أعار الوديع العين المودعة أو أجرها أو رهنها فانه يصير ضامنا بذلك لأجل التعدى.

ومن التعدى ما اذا منع الوديع من رد العين المودعة بعد طلبها من مالك الوديعة فانه يضمن ما تلف لأنه قد صار غاصبا (٧).

[مذهب الإمامية]

جاء فى شرائع الاسلام أنه يجب على الوديع حفظ‍ العين المودعة ولا يلزمه دركها لو تلفت من غير تفريط‍ وأخذت منه قهرا.

والذى يوجب الضمان على الوديع تفريطه أو تعديه.

أما التفريط‍ فذلك بأن يطرحها فيما ليس بحرز أو يترك سقى الدابة أو علفها، أو نشر الثوب الذى يفتقر الى النشر، أو يودعها من غير ضرورة ولا اذن، أو يسافر بها كذلك مع خوف الطريق ومع أمنه،


(١) الآية رقم ٢ من سورة المائدة.
(٢) الآية رقم ٥٨ من سورة النساء.
(٣) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٢٧٦، ص ٢٧٧ مسألة رقم ١٣٨٨ نفس الطبعة السابقة
(٤) الآية رقم ٩١ من سورة التوبة.
(٥) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٢٧٧ مسألة رقم ١٣٨٩ الطبعة المتقدمة.
(٦) المرجع السابق لأبن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٢٧٧ مسألة رقم ١٣٩١ نفس الطبعة السابقة
(٧) التاج المذهب لاحكام المذهب ج ٣ ص ٣٣٥ وما بعدها الى ص ٣٣٧ لاحمد بن قاسم العنسى الطبعة السابقة.