للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الأصوليين من يقول إن الصيغة مشتركة بين هذه الثلاثة والتهديد وحكاه الكمال عن الشيعة (١) وحجتهم الاستعمال في لسان العرب في الأربعة كما سبق.

ومنهم من يقول هي مشتركة بين الوجنوب والندب والإرشاد نقله الآمدى في الإحكام ونسبه إلى الشيعة (٢).

وقد رد الشوكانى على القائلين بالاشتراك بأن المجاز أولى من الاشتراك - كما تقرر في مواضعه من كتب الأصول. وأيضًا كان يلزم أن تكون الصيغة حقيقة في جميع معاني الأمر - التي سبق بيانها - لأنه قد أطلق عليها ولو نادرا ولا قائل بذلك. (٣)

[كذلك يختلف القائلون بالاشتراك المعنوى]

فمنهم من يذهب إلى أن صيغة الأمر موضوعة للقدر المشترك بين الوجوب والندب وهو الطلب الذي يساوى في معناه ترجيح الفعل على الترك. وهو منقول عن أبى منصور الماتريدى ومنسوب إلى مشايخ سمرقند كما بينه أمير باد شاه (٤) وقد بين المحلى وجهة نظر هؤلاء فقال: (٥) إنهم ذهبوا إلى ذلك حذرا من الاشتراك والمجاز لأن استعمالها في كل منهما من حيث إنه طلب استعمال حقيقى.

يقول صاحب مسلم الثبوت: (٦) الاستدلال لمذهبهم بأنه ثبت الرجحان أو الإذن بالضرورة الاستقرائية فلم يثبت الزائد من الحرج في الترك لعدم الدليل عليه فلا مدلول إلا ذلك.

ورد عليهم بأن الزيادة التي ادعوا عدم ثبوتها قد ثبتت بالأدلة التي أوردها أصحاب القول بالوجوب. فعدم الدليل على الزيادة ممنوع.

ومن القائلين بالاشتراك المعنوى من يذهب إلى أن صيغة افعل للقدر المشترك بين الثلاثة - الوجوب والندب والإباحة - يتمثل ذلك في الإذن الذي هو رفع الحرج عن الفعل. نقل ذلك الكمال وشارحه (٧) ونسب هذا المذهب أمير باد شاه إلى المرتضى من الشيعة.

واحتج أصحاب هذا المذهب - كما في مسلم الثبوت - بدعوى ثبوت الإذن بالضرورة الإستقرائية أيضًا فلم يثبت الزائد. ورد عليهم بأن الزائد ثبت بالأدلة المتقدمة فعدم الدليل منموع أيضًا (٨).

وفي هذا المقام يقول البزدوى - من علماء الحنفية بعد بيان أن الصيغة حقيقة في الوجوب:

إنه إذا أريد بالأمر الإباحة أو الندب فهل يكون حقيقة؟. قال الكرخى والجصاص: إنه مجاز لأن اسم الحقيقة لا يتردد بين النفى والإثبات. فلما جاز أن يقال إنى غير مأمور بالفعل دل على أن الأمر به يكون مجازًا.

ثم وجه القول بأنه حقيقة بأن معنى الإباحة والندب من الوجوب بعضه في التقدير. لأن الوجوب ينتظم كلا من الإباحة والندب (٩).


(١) تيسير التحرير جـ ١ ص ٢٧٢.
(٢) الإحكام جـ ٢ ص ٢١٠.
(٣) إرشاد الفحول ص ٩٦.
(٤) تيسير التحرير جـ ١ ص ٣٤١.
(٥) جمع الجوامع جـ ١ ص ٤٢٩.
(٦) شرح مسلم الثبوت جـ ١ ص ٣٧٧.
(٧) تيسير التحرير جـ ١ ص ٣٤٢.
(٨) شرح مسلم الثبوت جـ ١ ص ٣٧٧.
(٩) كشف الأسرار جـ ١ ص ١١٩.