حكم وحدود استمتاع
الرجل بزوجته الحائض
[مذهب الحنفية]
ذكر صاحب بدائع الصنائع أن الحنفية اختلفوا فى حدود استمتاع الرجل بزوجته الحائض.
فقال الامام أبو حنيفة وأبو يوسف رضى الله تعالى عنهما: لا يحل الاستمتاع بما بين السرة والركبة، وهو المراد بما تحت الازار. لما روى عن عبد الله بن سعد.
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل لى من امرأتى وهى حائض فقال لك ما فوق الازار.
وروى أن أزواج النبى صلّى الله عليه وسلم كن اذا حضن أمرهن أن يتزرن ثم يضاجعهن، ولأن الاستمتاع بها، بما يقرب من الفرج سبب الوقوع فى الحرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألا ان لكل ملك حمى، وان حمى الله محارمه، فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
وفى رواية من رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه، والمستمتع بالفخذ يحوم حول الحمى ويرتع حوله فيوشك أن يقع فيه، دل أن الاستمتاع به سبب الوقوع فى الحرام وسبب الحرام حرام ولقوله تعالى «وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ: هُوَ أَذىً» (١) لأنما حول الفرج لا يخلو عن الأذى عادة، فكان الاستمتاع به استعمال الأذى.
وقال محمد رحمه الله تعالى: يجتنب الرجل شعار الدم، وله ما سوى ذلك، لقول الله تبارك وتعالى: «وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً» حيث جعل الحيض أذى فتختص الحرمة بموضع الأذى.
وقد روى أن سيدتنا عائشة رضى الله تعالى عنها سئلت عما يحل للرجل من امرأته الحائض فقالت: يتقى شعار الدم وله ما سوى ذلك.
وذكر الكاسانى ان المشايخ قد اختلفوا فى تفسير قولهما بما فوق الازار.
قال بعضهم: المراد منه ما فوق السرة فيحل الاستمتاع بما فوق سرتها، ولا يباح بما تحتها الى الركبة.
وقال بعضهم: المراد منه مع الازار فيحل الاستمتاع بما تحت سرتها سوى الفرج لكن مع المئزر لا مكشوفا.
ويمكن العمل بعموم قولهما بما فوق الازار، لأنه يتناول ما فوق السرة وما تحتها سوى الفرج مع المئزر اذ كل
(١) الآية رقم ٢٢٢ من سورة البقرة.