للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرأة والمرأتين والأكثر ولابد فمن تعدى موضعه الذي أمره الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلى فيه وصلى حيث منعه الله كذلك فقد عصى الله عز وجل في عمله ذلك ولم يأت بالصلاة التي أمر الله بها والمعصية لا تجزئ عن الطاعة وأما من عجز عن المكان الذي أمر به ولم يقدر على غيره فقد قال الله تبارك وتعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (١) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وجائز للإمام (٢) أن يصلى في مكان أرفع من مكان جميع المأمومين وفى أخفض منه سواء في كل ذلك العامة والأكثر والأقل فإن أمكنه السجود فحسن وإلا فإذا أراد السجود فلينزل حتى يسجد حيث يقدر ثم يرجع إلى مكانه لما روى أن سهل بن سعد قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام على المنبر فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته ثم أقبل على الناس فقال يأيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بى ولتعلموا صلاتى. قال على: لا بيان أبين من هذا في جواز صلاة الإمام في مكان أرفع من مكان المأمومين، وإن كان قوم (٣) في سفينة لا يمكنهم الخروج إلى البر إلا بمشقة أو بتضيعها فليصلوا فيها كما يقدرون بإمام وأذان وأمامة ولابد فإن عجزوا عن إقامة الصفوف وعن القيام لحركة وميل أو لكون بعضهم تحت السطح أو لترجع السفينة صلوا كما يقدرون وسواء كان بعضهم أو كلهم قدام الإمام أو معه أو خلفه إذا لم يقدروا على الأكثر، أما بالنسبة لمقام الإِمام في صلاة الجنازة فقد قال ابن حزم: يقف (٤) الإِمام إذا صلى على الجنازة من الرجل قبالة رأسه ومن المرأة قبالة وسطها لما روى عن أبى غالب نافع قال: شهدت جنازة عبد الله بن عمير فصلى عليها أنس بن مالك وأنا خلفه فقام عند رأسه فكبر أربع تكبيرات ثم قالوا: يا أبا حمزة المرأة الأنصارية فقربوها وعليها نعش أخضر فقام عليها عند عجيزتها فصلى عليها نحو صلاته على الرجل فقال له العلاء بن زياد: يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلى على الجنازة كصلاتك يكبر عليها أربعا ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة؟ قال: نعم.

[مذهب الزيدية]

جاء في شرح الأزهار (٥): يقف المؤتم أيمن إمامه غير متقدم عليه ولا متأخر عنه بكل القدمين فأما إذا تقدم أو تأخر عنه ببعض القدمين أو بأحدهما فلا تفسد الصلاة ولا يكون المؤتم الواحد غير منفصل عن إمامه وقد قدر الانفصال المفسد بأن يكون بينهما قدر ما يسع واحدًا فإن لم يقف المؤتم الواحد على هذه الصفة بل تقدم أو تأخر أو انفصل أكثر من قدر المعقد أو وقف


(١) الآية رقم ١١٩ من سورة الأنعام.
(٢) انظر المحلى لابن حزم الظاهرى الأندلسى جـ ٤ ص ٨٤، ص ٨٥ مسألة رقم ٤٤١ طبع مطبعة إدارة الطباعة والمنيرية بمصر سنة ١٣٥١ هـ الطبعة الأولى.
(٣) المرجع السابق لابن حزم الأندلسى جـ ٤ ص ١٨٥، وما بعدها مسألة رقم ٤٨١ الطبعة السابقة.
(٤) انظر كتاب المحلى لابن حزم الظاهرى الأندلسى جـ ٥ ص ١٥٥ وما بعدها مسألة رقم ٥٩٣ طبع مطبعة إدارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٥١ هـ الطبعة الأولى.
(٥) انظر كتاب شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح وهوامشه جـ ١ ص ٢٩٣، ص ٢٩٤ وما بعدها طبع مطابع مطبعة حجازى بالقاهرة سنة ١٣٥٧ هـ الطبعة الأولى.