للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أ) الاضطرار الى الميتة

وما فى حكمها

الأصل فى الميتة والدم ولحم الخنزير أنها محرمة تحريما قاطعا فى الظروف العادية - كما هو معلوم من آيات كتاب الله تعالى أما فى الظروف الاستثنائية التى يضطر فيها المرء الى تناول قدر منها لكى ينقذ به حياته من الهلاك فانه يباح له أن يتناول هذا القدر متى كان من المستحيل عليه أن يجد شيئا آخر سواها - مباحا بحكم الأصل - يدفع به الهلاك عن نفسه.

وهذا الحكم - وهو الاباحة - محل اتفاق بين الفقهاء - كما يظهر ذلك من النصوص الآتية:

[مذهب الحنفية]

أكل الميتة والخنزير فى حالة الاضطرار باق على الاباحة الأصلية (١) لأن الله تعالى استثنى حالة الضرورة فى قوله {(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)} والاستثناء من التحريم اباحة اذ الكلام صار عما وراء المستثنى وقد كان مباحا قبل التحريم فبقى على ما كان عليه فى حالة الضرورة (٢).

ويرى الحنفية أن تناول الميتة واجب فى حالة الاضطرار اليها، لأنه لو لم يأكل حتى يموت كان آثما لا لقائه بنفسه الى التهلكه (٣).

وفى رواية عن أبى يوسف أن الحرمة لا ترتفع فى حالة الاضطرار وانما الذى يرتفع هو الاثم فقط‍ كما فى الاكراه على الكفر فلا يأثم بالامتناع (٤).

[مذهب المالكية]

قال مالك: من أحسن ما سمعت فى الرجل يضطر الى الميتة أنه يأكل منها .. فان وجد عنها غنى طرحها - قال - أبو عمر حجة مالك أن المضطر ليس ممن حرمت عليه الميتة ..

حتى يجد غيرها فتحرم (٥) عليه.

ويرى المالكية أن تناول الميتة يصبح واجبا فى حالة الاضطرار (٦).

[مذهب الشافعية]

من ظن من الجوع الهلاك أى هلاك نفسه أو جوز تلفها وسلامتها على السواء كما حكاه الامام عن صريح كلامهم - أو ظن منه ضعفا يقطعه عن الرفقة أو


(١) التحرير ج ٢ ص ٢٢٨
(٢) كشف الاسرار ج ٤ ص ١٥١٨.
(٣) تيسير التحرير ج ٢ ص ٢٣٢
(٤) المرجع السابق نفس الموضع.
(٥) التاج والاكليل لمختصر خليل ج ٣ ص ٢٢٣ هامش مواهب الجليل.
(٦) الشرح الكبير للدردير ج ٢ ص ١١٥