للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيًا: إنكار بعض شروط النكاح

جاء في (كشاف القناع): وإن أنكر الزوج أن يكون لها - أي الزوجة - عليه صداق فالقول قولها قبل الدخول وبعده فيما يوافق مهر المثل، سواء ادَّعى أنه وفَّاها الصداق أو ادَّعى أنها أبرأته منه، أو قال: لا تستحق عليّ شيئًا؛ لأنه قد تحقق موجبه، والأصل عدم براءته منه (١).

وجاء في (شرح منتهى الإرادات): وإن ادَّعى زوج إذنها لوليها في العقد وأنكرت الزوجة إذنها لوليها صُدقت قبل دخول زوج بها مطاوعة؛ لأن الأصل عدمه، ولا تصدق في إنكاره الإذن بعده. أي الدخول بها مطاوعة؛ لأن دخوله بها كذلك دليل كذبها (٢).

ثالثًا: إنكار المهر والزيادة فيه

جاء في (المغنى): أن الزوجين إذا اختلفا في قدر المهر ولا بينة على مبلغه فالقول قول من يدعى مهر المثل منهما، فإن ادعت المرأة مهر مثلها أو أقل فالقول قولها، وإن ادعى الزوج مهر المثل أو أكثر فالقول قوله؛ وذلك لأن الظاهر قول من يدعى مهر المثل، فكان القول قوله قياسًا على المنكر في سائر الدعاوى، وعلى المودَع إذا ادعى التلف أو الرد؛ ولأنه عقد لا ينفسخ بالتحالف فلا يشرع فيه كالعفو عن دم العمد، ولأن القول بالتحالف يفضى إلى إيجاب أكثر مما يدعيه أو أقل مما يقر لها به، فإنها إذا كان مهر مثلها مائة فادعت ثمانين، وقال: بل هو خمسون، أوجب لها عشرين يتفقان على أنها غير واجبة؛ ولو ادعت مائتين، وقال: بل هو مائة وخمسون. ومهر مثلها وجوبها، ولأن مهر المثل إن لم يوافق دعوى أحدهما لم يجز إيجابه لاتفاقهما على أنه غير ما أوجبه العقد، وإن وافق قول أحدهما فلا حاجة في إيجابه إلى يمين من ينفيه؛ لأنها لا تؤثر في إيجابه، وفارق البيع فإنه ينفسخ بالتحالف ويرجع كل واحد منهما في ماله، فإن ادعى أقل من مهر المثل وادعت هي أكثر منه رد إلى مهر المثل ولم يذكر أصحابنا يمينًا. والأولى أن يتحالفا فإن ما يقوله كل واحد منهما محتمل للصحة فلا يعدل عنه إلا بيمين من صاحبه كالمنكر في سائر الدعاوى، ولأنهما تساويا في عدم الظهور فَيُشرَّع التحالف كما لو اختلف المتبايعان (٣).

والجملة أن الزوج إذا أنكر صداق امرأته وادعت ذلك عليه فالقول قولها فيما يوافق مهر مثلها، سواء ادعى أنه وفَّى لها أو أبرأته منه أو قال: لا تستحق عليّ شيئًا، وسواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده؛ وذلك لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "اليمين على المدعى عليه (٤) ولأنه ادّعى تسليم الحق الذي عليه فلم يقبل بغير بينة، فإن دفع إليها ألفًا ثم اختلفا فقال: دفعتها إليك صداقًا، وقالت: بل هبةٌ فإن كان اختلافهما في نيته كأن قالت: قصدتَ الهبةَ، وقال: قصدتُ دفع الصداق فالقول قول الزوج بلا يمين؛ لأنه أعلم بما نواه، ولا تَطلعُ المراةُ على نيتهِ، وإن اختلفا في لفظه فقالت: قد قلت: خذى هذا هبة أو هدية، فأنكر


(١) كشاف القناع: ٥/ ١٥٤.
(٢) شرح منتهى الإرادات: ٢/ ٦٤٨.
(٣) المغنى: ٨/ ٣٩ - ٤١.
(٤) سبق تخريجه.