للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى عن علي أنه لا بأس بالإجارة على الفرض لا على النفل. قال ابن رشد لعدم لزوم النفل ولزوم الفرض. ونقل عن الماذرى أنه قال بجواز الإجارة لمن بعدت داره لا لمن قربت داره. وعند المحققين إن كان يتكلف في ملازمة الصلاة في موضع معين يشق القصد إليه صحت الإجارة وإن كان لا مشقة في ذلك لم تصح. وقال عبد الحق إنها مكروهة لا أنها لا تجوز كما قال ابن حبيب. وروى أشهب أن الاستئجار لقيام رمضان مباح وإن كان بأس فعلى الإمام. وروى ابن القاسم أنه مكروه، وعلى جواز الإِجارة على الأذان والإمامة معا في قول مالك إذا تخلف المؤذن عن الصلاة خاصة من سلس بول ونحوه فقيل لا يسقط من الإجارة حصة الصلاة لأنها تبع كمال العبد وثمرة النخل الذي لم يبد صلاحه لا يجوز على الانفراد ويجوز إذا جمع وقيل بل تسقط حصة الصلاة لأن التبع قد يرتفع عنه التحريم الثابت له منفردا كحلية السيف التابعة له فإنه يحرم بيعها بجنسها ويجوز تبعا. والأحباس الموقوفة على من يؤذن أو يصلى قيل إنها إجارة وقيل إنها إعانة، والصلاة خلف من يأخذ الأجرة على الإمامة جائزة. قال في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب وسئل عن الصلاة خلف من يستأجر لقيام رمضان يؤم الناس فقال لا يكون بذلك بأس وإن كان بأس فعليه قال ابن رشد لأنه لا بأس بالصلاة خلف من استؤجر لقيام رمضان لأن الإجارة عليه ليست حراما فتكون جرحة فيه تقدح في إمامته وإنما هي له مكروهة فتركها أفضل ولا تكره إمامة من فعل ما تركه أفضل كما لا يكره إمامة من ترك ما فعله أفضل من النوافل.

[مذهب الشافعية]

جاء في نهاية المحتاج (١): أنه لا تصح إجارة لفعل عبادة يجب فيها النية أو لمتعلقها كالإمامة بحيث يتوقف أصل حصولها عليها ولا يستحق الأجير شيئا لأن كل ما لا يصح الاستئجار له لا أجرة لفاعله وإن عمل طامعا وألحق بذلك الإمامة ولو لنفل لأنه حصل لنفسه فمن أراد اقتدى به وإن لم ينو الإمامة وتوقف فضل الجماعة على نيتها فائدة تختص به وما جرت به العادة من جعل جامكية (٢) على ذلك فليس من باب الإجارة وإنما هو من باب الأرزاق والإحسان والمسامحة بخلاف الإجارة فإنها من باب المعارضة. أما ما لا تجب له نية كالأذان فيصح الاستئجار عليه، وما يقع لكثير من أرباب البيوت كالأمراء حيث يجعلون لمن يصلى بهم قدرا معلوما في كل شهر من غير عقد إجارة فلا يستحقون معلوما لأن هذه إجارة فاسدة وما كان فاسدا لكونه ليس محلا للصحة أصلا لا شئ فيه للأجير وإن عمل طامعا فطريق من يصلى أن يطلب من صاحب البيت أو غيره أن ينذر له شيئا معينا ما دام يصلى فيستحقه عليه.


(١) انظر كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن أبى العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملى المنوانى المصرى الأنصارى الشهير بالشافعى الصغير ومعه حاشية أبى الضياء نور الدين على بن على الشبراملى القاهرى وبالهامش حاشية أحمد بن عبد الرزاق بن محمد بن أحمد المعروف بالمغربى الرشيدى جـ ٥ ص ٢٨٨ وما بعدها طبع مطبعه شركة مكتبه مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة ١٣٥٧ هـ، سنة ١٩٣٨ م.
(٢) الجامكية هي مرتب خدام الدولة من العسكرية والملكية.