للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه متى اجتمع الاسم والاضافة غلب الاسم لجريانه مجرى التعيين فى تعريف المحل (١). واليمين المطلقة تنصرف الى الموضوع الشرعى ويتناول الصحيح منه، لأن الفاسد ممنوع منه بأصل الشرع فلا حاجة الى المنع من فعله باليمين فاذا حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا أو حلف لا يزوج غيره فزوجه زواجا فاسدا أو حلف ما بعت ولا صليت ونحوه وكان قد فعل ذلك فاسدا لم يحنث.

لأن اليمين لم تتناول الفاسد الا أن يضيف اليمين الى شئ لا تتصور فيه الصحة كحلفه لا يبيع الحر أو لا يبيع الخمر أو ما باع الحر أو ما باع الخمر فيحنث لتعذر حمل يمينه على عقد صحيح فتعين كون صورة ذلك محلا له (٢).

ولو حلف لا يدخل دار فلان أو لا يركب دابته أو لا يلبس ثوبه فدخل أو ركب أو لبس ما هو ملك له أو ما هو مؤجره أو مستأجره أو جعله لعبده حنث، لأن الاضافة للاختصاص وساكن الدار مختص بها فاضافتها اليه صحيحة وهى مستعملة فى العرف، وقد قال الله عز وجل «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ» (٣) وقال تعالى «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ» (٤) وما جعله السيد لعبده لم يخرج عن ملك السيد ولا يحنث من حلف لا يدخل دار فلان أو لا يلبس ثوبه أو لا يركب دابته فاستعاره فلان أو استعاره عبده أو غصبه من دار أو ثوب أو دابة، لأنه لا يملك منافعه بخلاف المستأجر ولو حلف لا يدخل مسكنه حنث الحالف بدخول مستأجر يسكنه ودخول مستعار يسكنه ودخول مغصوب يسكنه لأنه يسكنه ولا يحنث بدخول ملكه الذى لا يسكنه سواء كان مالكا لعينه أو منافعة ولم يسكنه لأنه ليس مسكنه، وان قال فى حلف لا يدخل ملكه لم يحنث بمستأجر له لأنه ليس ملكه أشبه المستعار له، ومن حلف لا يركب دابة عبد فلان فركب دابة جعلت برسمه حنث، لأنه مختص بها حينئذ كحلفه لا يركب رجل هذه الدابة أو لا يبيعه أو لا يهبه ونحوه (٥).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى ان من حلف أن لا يدخل دار زيد فان كانت من الدور المباحة الدهاليز كدور الرؤساء لم يحنث بدخول الدهليز حتى يدخل منها ما يقع على من صار هنالك أنه داخل دار زيد، وان كانت من الدور التى لا تباح دهاليزها حنث بدخول الدهليز، وهكذا فى المساجد والحمامات وسائر المواضع لما ذكرنا من أنه انما يراعى ما يتخاطب


(١) المرجع السابق ج ٤ ص ١٤٨ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق ج ٤ ص ١٤٨ نفس الطبعة.
(٣) الآية رقم ١ من سورة الطلاق.
(٤) الآية رقم ٣٣ من سورة الأحزاب.
(٥) كشاف القناع عن متن الاقناع لابن ادريس الحنبلى ج ٤ ص ١٥٢ نفس الطبعة.