للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقيمته يوم دفعه ربه اليه وليس لربه ان يقول أنا أدفع الاجرة وآخذ قيمته مصنوعا الا أن يقر الصانع أنه تلف بعد العمل واذا كان الضمان بقيمته يوم دفعه فذلك يستلزم عدم لزوم الأجرة لأنه انما ضمن القيمة قبل الصنع. والضمان هنا أصلى ولذا كان بالنظر الى يوم القبض لا الى يوم التلف.

واذا شرط‍ عدم الضمان فى هذه الأحوال فسد العقد والشرط‍ لمنافاة الشرط‍ مقتضى العقد وله ان عمل وسلم أجر المثل. ويضمن الصانع بالتلف ولو سبقه دعاء ربه لتسلمه اذا لم يكن الصانع قد قبض أجره أما اذا كان قد قبض أجره فلا ضمان لأنه صار كالمودع حينئذ ولا ضمان ان قامت بينة على التلف وحينئذ تسقط‍ الأجرة سواء شهدت البينة بالتلف قبل العمل أم بعده. وقال بعضهم ان شهدت به بعد العمل لم تسقط‍ الأجرة والا سقطت واذا أحضر الصانع مصنوعه الى ربه مصنوعا على الصفة التى طلبت منه وتسلم الأجرة ثم تركه ربه لديه فهلك فلا ضمان لانتهاء الاجارة وصيرورته وديعة بذلك الترك (١).

قال فى الكافى: الصانع تضيع عنده السلعة فيضمن قيمتها ثم توجد بعد ذلك تكون له لا لصاحبها وكذلك المكترى تضل عنده الدابة لتعديه عليها بالضرب ونحوه فيغرم قيمتها ثم توجد تكون له.

ومما تقدم يرى أن الأجير أمين عند المالكية لا يضمن الا بالتعدى أو التفريط‍ وان مالكا قد استثنى الصناع من الاجراء مراعاة للمصلحة العامة ولما تقتضيه ضرورة الناس (٢) واذا ما استأجر الصانع أجيرا ليعينه فى عمله فلا ضمان عليه لا للصانع ولا لرب الشئ المصنوع الذى تلف لأنه أمين للصانع وذلك ما لم يفرط‍ وليس عليه ضمان سواء غاب على مصنوعه أم لا وقال اشهب فى الغسال تكثر عنده الثياب فيؤاجر آخر يبعثه الى البحر بشئ منها يغسله فيدعى تلفه أنه ضامن وكلام التوضيح والمواق عن ابن رشد يفيد أن كلام اشهب تقييد للمشهور لا مقابل له وحينئذ فيقيد القول السابق بما اذا لم يغب الأجير عن الصانع بالشئ المصنوع خلافا لمن ذهب من المالكية الى ان كلام أشهب قول آخر مقابل للمشهور وهو عدم ضمان أحد من الصناع مطلقا (٣).

[مذهب الشافعية]

جاء فى نهاية المحتاج ولو تلف المال فى يد أجير بلا تعد كثوب استأجر خياطا لخياطته أو صباغا لصبغه لم يضمن الخياط‍ ولا الصباغ اذا لم ينفرد أحدهما باليد بان حدث العمل فى منزل رب الثوب أو حضرة ربه وكذلك لو صاحبه أو مشى خلفه فتلف - وكذلك لا يضمن ان انفرد الأجير باليد بان انتفى ما ذكر فى اظهر الاقوال لان يده انما


(١) الخرشى ج‍ ٦ ص ٣٣ وما بعده والمواق ج‍ ٥ ص ٤٢٧ والحطاب ج‍ ٥ ص ٤٢٩ وما بعدها والشرح الكبير للدردير والدسوقى ج‍ ٤ ص ٢٤ وما بعدها.
(٢) الحطاب ج‍ ٥ ص ٤٣٠.
(٣) الشرح الكبير والدسوقى عليه ج‍ ٤ ص ٢٦.