للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مبدأ ازالة الضرر مقيد بالقاعدة الشرعية:

(الضرر لا يزال بالضرر)، وقد علل بعض العلماء ذلك بقوله: لأن ازالته بالضرر هى عين الضرر (١)، ولذلك فقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز للمضطر أن يتناول طعام مضطر آخر، ولا يجوز له أن يقتل غيره لاحياء نفسه، لأن مفسدة قتل نفسه أخف من مفسدة قتل غيره.

وأما حكمة استثناء دفع الصائل ولو بالقتل اذا كان قتله هو الوسيلة الوحيدة لرد كيده وتجنب أذاه، فلأنه هو الذى بدأ بالعدوان وهو باعتدائه قد أهدر دمه، قال الله تعالى {(فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ)}.

وقد روى أبو يوسف عن أبى حنيفة رحمهما الله تعالى أن الحكمة من اباحة قتل الصائل ترجع الى أن عدم قتله سيؤدى الى خسارة نفسية، وأما فى حالة قتله فلن تخسر الجماعة الا نفس المعتدى فقط‍.

وبيان ذلك أن اباحة قتل الصائل احقاق للحق وابطال للباطل ولكن عدم اباحة قتله سيؤدى الى تمكينه من تنفيذ جريمته وهى قتل نفس بغير حق، واذا فعل ذلك فانه يقتل به قصاصا فكان فيه اتلاف (٢) نفسين، بعكس الحالة الأولى فليس فيها الا اتلاف نفس واحدة.

الاضطرار الى تناول المطعوم

والمشروب المحرم

يقول الله تعالى: {(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ، إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)} (٣).

وقد أخذ الفقهاء حكم الاضطرار فى المطعوم والمشروب المحرم من هذه الآية الثانية وغيرها من الآيات المشابهة مثل قوله تعالى {(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ.)} (٤)

والاضطرار الى المطعومات والمشروبات المحرمة يتناول ما يأتى:

(أ) الاضطرار الى الميتة وما فى حكمها

(ب) الاضطرار الى شرب الخمر.

(ج‍) الاضطرار الى طعام الغير.


(١) الاشباه والنظائر لابن السبكى مخطوط‍ بمكتبة الأزهر الورقة رقم ١١
(٢) البدائع ج ٧ ص ٩٣ طبعة سنة ١٩١٠ م.
(٣) الآيات رقم ١٧٢، ١٧٣ من سورة البقرة
(٤) الآية رقم ١١٩ من سورة الانعام.