للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما فعله صلّى الله عليه وسلّم. فما روى انه رجم ماعزا والغامدية باقرارهما.

وأما الاجماع. فقد أجمعت الامة على اعتبار الاقرار حجة ينبنى عليها الحكم بل هو اقوى الحجج اذ لا يتهم الانسان فى الاقرار على نفسه بما يضره. ولا خلاف مطلقا فى صحة الاقرار على سبيل الجملة.

واما القياس. فقياس الاقرار على الشهادة فى الحجية .. فانه اذا حكم على الانسان بشهادة غيره مع احتماله الصدق والكذب فيها فأولى واحرى أن يحكم عليه بشهادته على نفسه بالاقرار مع رجحان جانب الصدق فى ذلك - وأيضا فان الرجل يحكم عليه بشهادة نفسه.

والضرورة داعية الى القول بصحته والالزام أن لا يمكن للانسان أن يتخلص مما عليه (١).

[ما به يكون الاقرار]

ويكون الاقرار باللفظ‍ لانه الاساس والوسيلة الأولى فى التعبير عما فى النفس. ويكون بالكتابة لمن لا يستطيع النطق ويعرف الكتابة كالاخرس الذى يعرف الكتابة. والكتابة بالنسبة لهذا كالنطق منه. ويكون بالاشارة المفهمة من الاخرس وكذلك من المصمت.

والمريض الذى لا يقدر على الكلام (٢).

[شروط‍ الاقرار]

ولا يصح الاقرار الا اذا توافرت فيه الشروط‍ الآتية:

(١) أن يصدر من مكلف. أى بالغ عاقل فلا يصح من المجنون والمعتوه لضعف عقله الا اذا كان مأذون له فى التجارة فيصح اقراره فيما أذن له فيه. وكذلك لا يصح من الصبى غير المميز ولا من الصبى المميز الا اذا كان مأذونا له فى التجارة فيصح اقراره فيما اذن له فيه فان أقر المميز ثم ادعى أنه غير مأذون له فالقول قوله مع يمينه ولا يحلف الا بعد بلوغه وأما السكران. فان لم يزل عقله صح اقراره بلا اشكال. وان زال عقله ففى صحة اقراره وقبوله خلاف. فعند الزيدية يصح اقراره سواء أقر بعقد كالبيع او بانشاء كالطلاق. وقال الحاكم فى التهذيب، القاضى زيد فى الشرح ان اقراره لا يصح بالاجماع.

(٢) أن يصدر من مختار - فلا يصح افرار المكره وان نواه اذ لا فائدة فى النية - وحد الاكراه ما يخشى معه الضرر وهو الاجحاف كما ذكره الهادوية وليس حده ما اخرجه عن حد الاختيار لأن هذا الحد لا يبطل احكام الانشاءات كالطلاق وانما يبطل احكام الانشاءات حد الضرورة وهذا يتحقق بالأول دون الثانى - وقد قالوا أن من أتهم من الفسقة بسرقة مال او جناية او نحوها. جاز لأهل الولايات من المسلمين أن يزجروه أو يحبسوه اذا رأوا فى ذلك صلاحا او انه يؤدى الى تسليم العين المسروقة .. اما اجباره على أن يقر بالسرقة أو يضمن قيمة العين المسروقة فلا يجوز لان اقراره عند خشونتهم عليه لا يصح.

وذلك لان اقرار المكره لا يصح لأن اكثر الفسقة لا يعرفون تفاصيل ما يجريه عليهم أهل الولايات فى مثل ذلك. وربما ظن أنه يجرى عليه أمر عظيم فيحمله ذلك على الاقرار.

(٣) أن يكون بحيث لا يعلم ولا يظن انه


(١) شرح الازهار ج‍ ٤ ص ١٥٧ وما بعدها.
(٢) شرح الأزهار ج‍ ٤ ص ١٥٩ والتاج المذهب ج‍ ٤ ص ٤١ وما بعدها.