للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: {أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ}.

وأما أهل المحاربة من المسلمين فانهم يريدون ظلم أهل البغى فى أخذ أموالهم والمنع من الظلم واجب.

قال الله تعالى: {وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ}.

فمن ترك المحارب ولم يعن المطلوب فقد أعان المحارب على اثمه وعدوانه وهذا حرام.

[حكم اغاثة المضطر]

قال ابن حزم الظاهرى فى المحلى (١): مما كتبه الله تعالى علينا استنقاذ كل متورط‍ من الموت أما بيد ظالم كافر أو مؤمن متعد أو حية أو سبع أو نار أو سيل أو هدم أو حيوان أو من علة صعبة تقدر على معاناته منها أو من أى وجه كان فوعدنا على ذلك الأجر الجزيل الذى لا يضعيه ربنا تعالى الحافظ‍ علينا صالح أعمالنا وسيئة.

ففرض علينا أن نأتى من كل ذلك ما افترضه الله تعالى علينا وأن نعلم أنه قد أحصى أجرنا على ذلك من يجازى على مثقال الذرة من الخير والشر.

وقال ابن حزم: من (٢) أستسقى قوما فلم يسقوه حتى مات قال على: روينا من طريق أبى بكر بن أبى شيبة حدثنا حفص بن غبات عن الأشعث عن الحسن أن رجلا استسقى على باب قوم فأبوا أن يسقوه فأدركه العطش فمات فضمنهم عمر بن الخطاب ديته.

قال أبو محمد: القول فى هذا عندنا وبالله التوفيق هو أن الذين لم يسقوه ان كانوا يعلمون أنه لا ماء له البتة الا عندهم ولا يمكنه أدراكه أصلا حتى يموت فهم قتلوه عمدا وعليهم القود بان يمنعوا الماء حتى يموتوا، كثروا أو قلوا، ولا يدخل فى ذلك من لم يعلم بأمره ولا من لم يمكنه أن يسقيه فان كانوا لا يعلمون ذلك ويقدرون أنه سيدرك الماء فهم قتلة خطأ وعليهم الكفارة وعلى عواقلهم الدية ولا بد.

برهان ذلك قول الله تعالى: {وَتَعاوَنُوا عَلَى ٣ الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ}.

وقال تعالى (٤): {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}.

وقال تعالى: {وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ٥}.

وبيقين يدرى كل مسلم فى العالم أن من استقاه مسلم وهو قادر على ان يسقيه فتعمد أن لا يسقيه الى أن مات عطشا فانه قد اعتدى عليه بلا خلاف من أحد من الأمة واذا أعتدى فواجب بنص القرآن أن يعتدى على المعتدى بمثل ما اعتدى به.

فتصح قولنا يقين لا اشكال فيه.

وأما اذا لم يعلم بذلك فقد قتله اذ منعه مالا حياة له الا به فهو قاتل خطأ فعليه ما على قاتل الخطأ.

قال أبو محمد: وهكذا القول فى الجائع والعارى ولا فرق وكل ذلك عدوان.


(١) المحلى ج‍ ١١ ص ١٩ مسألة رقم ٢١١٥.
(٢) المحلى ج‍ ١٠ ص ٥٢٢ مسألة رقم ٢٠٩٧ الطبعة المنيرية.
(٣) الآية رقم ٢ من سورة المائدة.
(٤) الآية رقم ١٩٤ من سورة البقرة.
(٥) الآية رقم ١٩٤ من سورة البقرة.