للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المار غير بالغ لأن الضمان من خطاب الوضع (١) غير أن ما قاله فقهاء المالكية فى هذه المسألة يستفاد منه أنهم يشترطون لوجوب الضمان على الممتنع غيبة مالك المال. لأنه فوته على ربه لأنه ينزل منزلته ولا ينزل منزلة رب الشئ الا اذا كان رب الشئ غائبا (٢).

[مذهب الشافعية]

يقرر الشافعية أنه لا ضمان على الممتنع عن انقاذ المضطر اذ لم يحدث منه فعل مهلك لكنه يأثم ولا يلزم مالك الطعام بذله الا بعوض لأن الضرر لا يزال بالضرر. ولا أجرة لمن خلص مشرفا على الهلاك لوقوعه فى ماء أو نار أو نحوهما أى يلزمه تخليصه بلا أجرة لضيق الوقت عن تقدير الاجرة. فان اتسع الوقت لتقديرها لم يجب تخليصه الا بأجرة. كما فى التى قبلها فان فرض ضيق الوقت وجب البذل بلا عوض فلا فرق بين المسئلتين كما قاله الاذرعى (٣).

ومن ناحية أخرى نص العلامة زكريا الأنصارى على أنه: «يجب تدارك حياة البهيمة المحترمة ببذل المال لخلاصها كالآدمى المحترم، وان كانت للغير ملكا أو اختصاصا. ثم ان ذكر عوضا رجع به على صاحبها والا فلا ويلزمه ذبح شاته لكلبه المحترم، وتحل الشاة أى أكلها للآدمى لأنها ذبحت للأكل (٤).

[مذهب الحنابلة]

يقول ابن قدامة: وان أضطر الى طعام أو شراب لغيره فطلبه منه فمنعه اياه مع غناه عنه فى تلك الحال فمات بذلك ضمنه المطلوب منه لما روى عن عمر رضى الله عنه أنه قضى بذلك، ولأنه اذا اضطر اليه صار أحق به ممن هو فى يده، وله أخذه قهرا.

فلما منعه اياه تسبب فى اهلاكه بمنعه ما يستحقه فلزمه ضمانه كما لو أخذ طعامه وشرابه فهلك بذلك وظاهر كلام أحمد أن الدية فى ماله لأنه تعمد هذا الفعل الذى يقتل مثله غالبا وقال القاضى أبو يعلى تكون على عاقلته لأن هذا لا يوجب القصاص فيكون شبه عمد. وان لم يطلبه منه لم يضمنه لانه لم يمنعه ولم يوجد منه فعل تسبب به فى هلاكه، وكذلك كل من رأى انسانا فى مهلكة فلم ينجه منها مع قدرته على ذلك لم يلزمه ضمانه وقد أساء.

وقال أبو الخطاب قياس المسألة الاولى وجوب ضمانه لانه لم ينجه من الهلاك مع امكانه فيضمنه كما لو


(١) الشرح الكبير ج ٢ ص ١١٠، ١١١.
(٢) حاشية الدسوقى ج ٢ ص ١١٠ - ص ١١١.
(٣) أسنى المطالب ج ١ ص ٥٧٢ - ٥٧٣.
(٤) المرجع السابق نفس الموضع.