للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفقتها أو لا لأن المنع من قبله، الأقرب كما قال الأذرعى أنها إن منعته منه عنادا سقطت أو لإِعسار فلا تسقط ولا أثر لزناها وإن حبلت لأنه لا يمنع الاستمتاع بها. وسفرها بإذنه معه ولو لحاجتها أو وحدها بإذنه لحاجته لا يسقط نفقتها لأنها ممكنة في الأولى وفى غرضه في الثانية فهو المسقط لحقه (١). والأظهر أنه لا نفقة ولا توابعها لصغيرة لا تحتمل الوطء لتعذره لمعنى فيها، والقول الثاني المقابل للأظهر. تجب كالرتقاء والقرناء والمريضة كما مر، وأجاب الأول بأن المرض يطرأ ويزول، والرتق والقرن مانع دائم قد رضى به ويشق معه ترك النفقة مع أن التمتع بغير الوطء لا يفوت كما مر (٢).

[ثانيا: حكم الامتناع عن نفقة الأقارب]

جاء في مغنى المحتاج أنه يلزم الشخص ذكرا كان أو غيره نفقة الوالد الحر وإن علا من ذكر أو أنثى والولد الحر وإن سفل من ذكر أو أنثى، والأصل في الأول قول الله عز وجل "وصاحبهما في الدنيا معروفا" (٣) ومن المعروف القيام بكفايتهما عند حاجتهما، والأصل في الثاني قوله عز وجل "فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن" (٤) إذ إيجاب الأجرة لإِرضاع الأولاد يقتضى إيجاب مؤنتهم، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند: "خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف" (٥) قال الشافعي رضى الله تعالى عنه: وإذا كانت هند زوجة لأبى سفيان وكانت القيم على ولدها لصغرهم بأمر زوجها فأذن لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تأخذ من مال أبى سفيان ما يكفيها وولدها بالمعروف فمثلها الرجل يكون له على الرجل الحق بأى وجه ما كان فيمنعه إياه قله أن يأخذ من ماله حيث وجده سرا وعلانية، وكذلك حق ولده الصغار وحق من هو قيم بماله ممن توكله أو كفله (٦). قال صاحب مغنى المحتاج: ويباع في نفقة القريب ما يباع في الدين من عقار وغيره لأن نفقة القريب مقدمة على وفاء الدين، وإذا بيع ذلك في الدين ففى المقدم عليه أولى (٧). وتسقط نفقه القريب بفواتها بمضى الزمان وإن تعدى المنفق بالمنع لأنها وجبت لدفع الحاجة الناجزة وفد زالت بخلاف نفقة الزوجة فإنها معاوضة، وحينئذ لا تصير دينا في ذمته إلا بفرض قاض أو إذنه في اقتراض لغيبة أو منع، فإنها تصير دينا في ذمته لتأكد ذلك بفرض القاضي أو إذنه فيه. قال الأذرعى: وهذه المسألة مما تعم به البلوى، وحكام العصر يحكمون بذلك ظانين أنه المذهب فيجب التنبه لها وتحريرها وبسط الكلام في ذلك، ثم قال: والحق أن فرض القاضي بمجرده لا يؤثر عندنا بلا خلاف، ومحاولة إثبات خلاف مذهبى فيه تكلف محض. فالمعتمد كما عليه الجمهور أنها لا تصير دينا إلا باقتراض قاض بنفسه أو مأذونه (٨) ثالثا: حكم الامتناع عن نفقة المملوك: جاء في مغنى المحتاج أنه يجب على المالك كفاية رقيقه نفقة طعاما وأدما


(١) مغنى المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للخطيب الشربينى جـ ٣ ص ٤٠٢ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق جـ ٣ ص ٤٠٣ نفس الطبعة.
(٣) الآية رقم ١٥ من سورة لقمان.
(٤) الآية رقم ٦ من سورة الطلاق.
(٥) مغنى المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج جـ ٣ ص ٤١١ الطبعة السابقة.
(٦) الأم للإمام أبى عبد الله محمد بن إدريس والشافعى جـ ٥ ص ٩٠ في كتاب على هامشه مختصر الإمام أبى إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزنى طبع مطبعة كتاب الشعب بمصر.
(٧) مغنى المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج جـ ٣ ص ٤١٢ الطبعة السابقة.
(٨) المرجع السابق جـ ٣ ص ٤١٣ نفس الطبعة.