للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيمتها عليه كما لو أذن فى ذلك. وان ادعى شخص على المفلس دينا فأنكر فطلب المدعى يمينه فنكل المفلس عنها فقضى عليه بالنكول فحكمه حكم اقراره يلزم فى حقه دون الدائنين، فلا يشاركهم المقر له للتهمة، وانما يطالب به المفلس بعد فك الحجر عنه وكذلك لا يصح بيع المفلس ماله لدائنيه كلهم أو بعضهم ولو بكل الدين، لاحتمال ظهور دائن غيرهم وان تصرف المفلس فى ذمته بشراء أو ضمان أو اقرار أو اصداق ونحوه صح، لأنه اهل للتصرف والحجر يتعلق بماله لا بذمته لكن لا يشارك اصحاب هذه الديون الدائنين له قبل الحجر سواء علم من عامله بعد الحجر بافلاسه ام لا، لأن من علم بافلاسه ثم عامله فقد رضى بالتأخير، ومن لم يعلم فقد فرط‍ فى ذلك فان هذا فى مظنة الشهرة.

فعلى هذا يطالب المفلس بهذه الديون بعد فك الحجر عنه، لأنه حق عليه منع تعلقه بماله حق الدائنين السابق عليه، فاذا استوفوا ديونهم فقد زال المعارض. واذا جنى المفلس بعد الحجر عليه جناية وجبت مالا أو قصاصا واختار المجنى عليه أو وليه المال فانه يلزمه ذلك المال فى الحال، فيشارك المجنى عليه أو وليه الدائنين بارش الجناية لأن سبب هذا المال ثبت على المفلس بغير اختيار صاحبه ولم يرض بتأخيره (١). وان كان للمفلس حق له به شاهد واحد وحلف المفلس معه ثبت المال وتعلقت حقوق الدائنين به كسائر امواله فان ابى المفلس ان يحلف مع شاهده لم يجبر على ذلك لاحتمال كذب الشاهد ولم يكن من حق دائنيه ان يحلفوا مع شاهده، لأنهم يثبتون ملكا لغيرهم لتتعلق حقوقهم به بعد ثبوته فلم يجز (٢). وليس للمفلس اسقاط‍ شئ من ثمن مبيع أو أجرة مستأجر ولا قبض ردئ ولا قبض المسلم فيه بدون صفاته الا بأذن الدائنين (٣).

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم: ان اقر المفلس بدين بعد ان قضى القاضى بماله للدائنين فأنه يلزمه ما أقر به فى ذمته ولم يدخل المقر له مع الدائنين فى مال قد قضى لهم به وملكوه قبل اقراره (٤).

[مذهب الزيدية]

اذا حجر القاضى على المفلس فالمذهب ان تصرفاته بعد ذلك تكون موقوفة وليست باطلة فلا ينفذ منه فيما تناوله الحجر تصرف الا باجازة القاضى الذى حجر عليه أو غيره أو باجازة الدائنين أو بعد فك الحجر عنه بان يقضى الدائنين ديونهم أو يسقط‍ دينهم باى وجه من الوجوه. وعند العترة:

يبطل كل تصرف له فيما تناوله الحجر اذ تعلق به حق الدائنين. ولو باع المفلس المحجور عليه شيئا من ماله ليقضى الدائنين أو لحاجته الماسة لنفقته صح ذلك البيع ان كان بدون غبن ومن باع بخيار ثم حجر عليه لافلاسه فقبل: هو على خياره. وقيل: يتعين الاصلح للدائنين من فسخ أو امضاء. وللمحجور عليه لافلاسه ان يشترى بثمن فى ذمته ويصح منه هذا اذ لم يتناول الحجر عليه الا تفويته لما له ويبقى الثمن فى ذمته حتى يفك الحجر عنه وللبائع ان يفسخ لتعذر تسليم الثمن ان جهل افلاسه والحجر عليه لسببه واذا قضى المفلس بعض الدائنين بجميع ماله فان كان بعد الحجر لا يصح. وان كان قبله يصح ولا يأثم الا اذا كان الآخرون قد طالبوه بديونهم. واقرار المفلس كتصرفه - اى موقوف - ولو اضافة الى ما قبل الحجر. ولو اقام المحجور عليه لافلاسه البينة بدين عليه لغائب من قبل الحجر سمعت بينته، لأن له حقا فى دعواه وهو ترك حصته المقر له من ماله، ولا يقال: ان هذه بينة لغير مدعى. وان ادعى المفلس على غيره مالا وله شاهد واحد وامتنع من اليمين معه فوجهان أصحهما ما قاله الامام يحيى: وهو انه لا يصح للدائنين ان يحلفوا مع


(١) المغنى والشرح الكبير ج ٤ ص ٤٦٣ - ٤٦٤، ٤٨٩ - ٤٩١ الطبعة السابقة، كشاف القناع وشرح المنتهى بهامشه ج ٢ ص ١٤١، ٢٠٩ - ٢١٠ الطبعة السابقة
(٢) كشاف القناع وشرح المنتهى ج ٢ ص ٢٢٠
(٣) المغنى والشرح الكبير ج ٤ ص ٥٠٠ - ٥٠١، ٥٠٧
(٤) المحلى ج ٨ ص ٦٣٥ مسألة رقم ١٢٨١ الطبعة السابقة