مستثنى من الاصل المقر به بالشروط والاوضاع المقررة فاذا قال: له على عشرة الا ثلاثة والا درهمين كان مستثنيا لخمسة ومبقيا لخمسة.
وان لم يعطف الثانى على الأول كان استثناء من الاستثناء .. وهو جائز فى اللغة .. وقد جاء فى كلام الله تعالى فى قوله: «قالوا انا ارسلنا الى قوم مجرمين الا آل لوط انا لمنجوهم أجمعين الا امرأته قدرنا أنها لمن الغابرين».
فاذا كان صدر الكلام اثباته كان الاستثناء الأول نفيا وكان الثانى اثبات. فان استثنى استثناء ثالثا كان نفيا. ويعود كل استثناء الى ما يليه من الكلام .. فاذا قال: له على عشرة الا ثلاثة الا درهما كان مقرا بثمانية لانه اثبت عشرة ثم نفى منها ثلاثة ثم اثبت درهما وبقى من الثلاثة المتبقية درهمان مستثنيان من العشرة فيبقى منها ثمانية .. وان قال: له على عشرة الا سبعة الا خمسة الا درهمين صح وكان مقرا بستة. وذلك اذا استثنى الكل او الأكثر ووقف عليه بطل الاستثناء طبقا لما تقرر فى استثناء الكل والأكثر .. وان وصله باستثناء آخر استعملناه لان الاستثناء على المستثنى منه عبارة عما بقى فان خمسة الا درهمين عبارة عن ثلاثة استثناها من سبعة بقى اربعة مستثناة من عشرة بقى منها ستة هى المقر بها .. وان قال: له على ثمانية الا اربعة الا درهمين الا درهما بطل الاستثناء على قول ابى بكر لانه استثنى النصف وصح على الوجه الآخر فلزمه خمسة لانه استثنى درهما من درهمين بقى درهم استثناه من اربعة بقى ثلاثة استثناها من ثمانية بقيت خمسة. وان قال:
له على عشرة الا خمسة الا ثلاثة الا درهمين الا درهما بطل الاستثناء كله على احد الوجهين وصح فى الاخر فيكون مقرا بسبعة. لانه استثنى درهما من درهمين يبقى واحد استثناه من ثلاثة يبقى اثنان استثناهما من الخمسة يبقى ثلاثة استثناها من العشرة يبقى سبعة ولو قال: عشرة الا ستة الا اربعة الا درهمين فهو على الوجه الذى يصح فيه الاستثناء مقر بستة (١).
[استثناء المفسر من المبهم والعكس]
وان قال له على الف درهم الا خمسين فالمستثنى دراهم ايضا لأن العرب لا تستثنى فى الاثبات الا من الجنس وان قال: له على الف الا خمسين درهما فالجميع دراهم كذلك لما ذكر .. وهذا اختيار ابن حامد والقاضى ..
وقال أبو الحسن التميمى وأبو الخطاب يكون الألف مبهما ويرجع فى تفسيره اليه. لان لفظه فى الألف مبهم والدراهم لم يذكر تفسيرا له فيبقى على ابهامه.
ودليل الاول أنه لم يرد عن العرب الاستثناء فى الاثبات الا من الجنس فمتى علم احد الطرفين علم ان الاخر من جنسه كما لو علم المستثنى منه. وهذا مسلم. وعلته تلازم المستثنى والمستثنى منه فى الجنس فما ثبت فى احدهما يثبت فى الآخر.
وان قال: له على تسعة وتسعون درهما فالجميع دراهم لا اعلم فيه خلافا. وان قال:
مائة وخمسون درهما فكذلك .. وكذا ان قال الف وثلاثة دراهم. او خمسون والف درهم او الف ومائة درهم أو مائة والف درهم وخرج بعض اصحابنا وجها انه لا يكون تفسيرا الا لما يليه والصحيح الأول فان الدرهم المفسر يكون
(١) المغنى ج ٥ ص ٢٨٣، ٣٠٤.