للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اقرض أحدكم قرضا فأهدى اليه او حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله الا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك (١). وان شرط‍ فى القرض أن يوفيه أنقص مما أقرضه وكان ذلك مما يجرى فيه الربا لم يجز لافضائه الى فوات المماثلة فيما هى شرط‍ فيه. وان كان فى غيره، لم يجز أيضا لان القرض يقتضى المثل فشرط‍ النقصان يخالف مقتضاه فلم يجز كشرط‍ الزيادة (٢).

ولو افلس غريمه فأقرضه الفا ليوفيه كل شهر شيئا معلوما جاز لانه انتفع باستيفاء ما هو مستحق له، ولو كان له عليه حنطة فأقرضه ما يشترى به حنطة يوفيه اياها لم يكن محرما لذلك، ولو اراد رجل ان يبعث الى عياله نفقة فأقرضها رجلا على ان يدفعها الى عياله فلا بأس اذا لم يأخذ عليها شيئا ولو اقرض أكاره ما يشترى به بقرا يعمل عليها فى أرضه او بذرا يبذره فيها فان شرط‍ ذلك فى القرض لم يجز لانه شرط‍ ما ينتفع به فأشبه شرط‍ الزيادة، وان لم يكن شرطا فقال ابن ابى موسى رحمه الله تعالى: لا يجوز لانه قرض جر منفعة قال ولو قال اقرضنى الفا وادفع الى ارضك أزرعها بالثلث كان خبيثا والاولى ان ذلك يجوز اذا لم يكن مشروطا لان الحاجة داعية اليه والمستقرض انما يقصد نفع نفسه، وانما يحصل انتفاع المفرض ضمنا فأشبه اخذ السفتجة به وايفاءه فى بلد آخر ولانه مصلحة لهما جميعا فأشبه ما ذكرنا (٣). قال احمد رحمه الله تعالى ولو اقرضه تسعين دينارا بمائة عددا والوزن واحد وكايت لا تنفق فى مكان الا بالوزن جاز وان كانت تنفق برؤسها فلا يجوز وذلك لانها اذا كانت تنفق فى مكان برؤسها كان ذلك زيادة لان التسعين من المائة تقوم مقام التسعين التى اقرضه اياها ويستفضل عشرة.

ولا يجوز اشتراط‍ الزيادة واذا كانت لا تنفق الا بالوزن فلا زيادة فيها او ان كثر عددها.

قال ولو قال اقترض لى من فلان مائة ولك عشرة فلا بأس ولو قال: اكفل عنى ولك الف لم يجز وذلك لان قوله اقترض لى ولك عشرة جعالة على فعل مباح فجازت كما لو قال: ابن لى هذا الحائط‍ ولك عشرة واما الكفالة فان الكفيل يلزمه الدين فاذا آداه وجب له على المكفول عنه فصار كالقرض فاذا أخذ عوضا صار القرض جارا للمنفعة فلم يجز (٤) ولا يثبت فى القرض خيار ما لان القرض دخل على بصيرة أن الحظ‍ لغيره فأشبه الهبة والمقترض متى شاء رده فيستغنى بذلك عن ثبوت الخيار له (٥).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أنه لا يحل ان يشترط‍ رد أكثر مما اخذ ولا اقل وهو ربا مفسوخ، ولا يحل اشتراط‍ رد أفضل مما أخذ ولا أدنى وهو ربا ولا يجوز اشتراط‍ نوع غير النوع الذى أخذ ولا اشتراط‍ أن يقضيه فى موضع كذا


(١) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٤ ص ٣١٩، ص ٣٢٠، ص ٣٢١ الطبعة السابقة
(٢) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٤ ص ٣٢٢، ص ٣٢٣ الطبعة السابقة
(٣) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٤ ص ٣٢٣ الطبعة السابقة
(٤) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٤ ص ٣٢٤ الطبعة السابقة
(٥) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٤ ص ٣١٤ الطبعة السابقة.