للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يقضى دينه منه الا اذا تعذر قضاؤه من محل آخر فحينئذ يقضى منه فان قيل كيف يقضى منه وهو فئ عنده غير مملوك له بل لجماعة المسلمين أجاب فقال: لا بعد فى هذا فان الذمى اذا مات ولا وارث له يكون ماله لجماعة المسلمين ومع ذلك كان عليه دين يقضى منه أولا وما فضل يكون للمسلمين فكذلك هاهنا قال فى المبسوط‍: وعلى هذا لا ينفذ تصرفه فى الرهن وقضاء الدين من كسب الاسلام ووجه الرواية الثالثة - وهى رواية أبى يوسف رحمه الله تعالى ان كسب الاسلام حق الورثة وكسب الردة خالص حقه بمعنى أنه لم يتعلق به حق الغير كما يثبت التعليق فى مال المريض غير أنه لا يلزم من كونه خالص حقه كونه ملكا له ألا ترى أن كسب المكاتب خالص حقه وليس ملكه، واذا كان كسب الردة خالص حقه كان قضاء دينه منه أولى الا اذا لم يف فحينئذ يقضى من كسب الاسلام تقديما لحقه وقال (١) أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى تقضى ديونه من الكسبين لأنهما جميعا ملكه عندهما حتى يجرى فيهما الارث.

[تصرفات المرتد]

قال فى الهداية وشروحها أعلم أن تصرفات (٢) المرتد على أقسام نافذة بالاتفاق كالاستيلاد والطلاق لأنه لا يقتصر الى حقيقة الملك فى الاستيلاد ولا الى تمام الولاية فى الطلاق فان الاستيلاد يصح فى جارية الابن وحق المرتد فى ماله أقوى من حق الأب فى جارية ابنه ولذا تصح مولى ولد أمة مكاتبة وحق المرتد فى ماله أقوى من حق المولى فى كسب المكاتب لأن المال موقوف على حكم ملكه حتى اذا أسلم كان له بلا سبب جديد ولا ملك للأب والمولى فيهما والطلاق يقع من العبد مع قصور ولايته فانه لا ولاية له على نفسه وأورد عليه أن بالردة تحققت الفرقة فكيف يقع الطلاق أجيب بأنه لا يلزم من وقوع البينونة امتناع الطلاق وقد سلف أن المبانة يلحقها صريح الطلاق ما دامت فى العدة وصرح فى المحيط‍ بأن الفرقة بالردة من قبيل الفرقة التى يلحقها الطلاق مع أن الردة لا تلزمها الفرقة كما لو ارتدا معا ومن هذا القسم تسليم الشفعة وقبول الهبة والحجر على عبده المأذون لأنها لا تنبئ عن حقيقة الملك، وباطل بالاتفاق كالنكاح والذبيحة لأنها تعتمد الملة ولا ملة له لأنه غير مقر على ما انتقل اليه من دين سماوى أو غيره كالشرك فهو بمنزلة من لا ملة له وهذا حاصل ما فسر به ظهير الدين من أن المراد بالملة التى يدينون بملك النكاح التوارث والتناسل والمرتد لا يتحقق فى نكاحه شئ من ذلك لأنه لا يقر حيا.

ومن هذا القسم ارثه وأما الارث فقد تقدم أنه ثابت لورثته المسلمين، وموقوف بالاتفاق كالمفاوضة مع المسلم لأنها تعتمد المساواة بين الشريكين ولا مساواة بين المسلم والمرتد فيتوقف عقد المفاوضة فان أسلم نفذت وان مات أو قتل أو قضى بلحاقه بطلت بالاتفاق لكن تصير عنانا عقدهما وعند أبى حنيفة رحمه الله تعالى تبطل أصلا لأن فى العنان


(١) الهداية وحواشيها ج‍ ٤ ص ٣٩٦ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٣٩٦