الاستثناء للاستغراق، وذلك لأن الاستثناء من غير الجنس صحيح عندهم. ولان لفظه فى الألف مبهم والدارهم لم تذكر تفسيرا له فيبقى على ابهامه ويحتاج للتفسير.
وقال الحنابلة فى تأييد رأيهم أنه لم يرد عن العرب الاستثناء فى الاثبات الا من الجنس فمتى علم أحد الطرفين علم أن الآخر من جنسه كما لو علم المستثنى منه فان الاتفاق على أن المستثنى يكون من جنسه لتلازم المستثنى والمستثنى منه فى الجنس فما ثبت فى أحدهما يثبت فى الآخر.
[جهالة المستثنى]
اذا قال شخص لفلان عندى هؤلاء العبيد الا واحدا صح ولزمه تسليم تسعة فان عينه فقال الا هذا وأشار الى واحد معين صح وكان مقرا بمن سواه وان قال:: الا واحدا ولم يعينه صح لأن الاقرار يصح مجهولا فكذلك الاستثناء منه ويرجع فى تعيين المستثنى اليه لأن الحكم يتعلق بقوله وهو أعلم بمراده به وان عين من عدا المستثنى صح وكان الباقى له. فان مات العبيد الا واحدا فقال هو المستثنى فهل يقبل قوله؟. ذكروا فيه وجهين، أحدهما يقبل ذكره القاضى والثانى لا يقبل ذكره أبو الخطاب لأنه يرفع به الاقرار كله اذ مقتضاه الا يأخذ المقر له شيئا فكان كاستثناء الكل والصحيح الأول وهو قبول قوله فى التعيين لانه يقبل تعيينه فى حياتهم لمعنى هو موجود بعد موتهم.
وهو تعلق الحكم بقوله وهو أعلم بمراده به فيقبل التفسير كحالة حياتهم، وليس هذا رفعا للاقرار كما يقال وانما تعذر تسليم المقر به لتلفه لا لمعنى يرجع الى التفسير فاشبه ما لو عينه فى حياته فتلف بعد التعيين.
فان قتل العبيد كلهم الا واحدا قبل تفسيره بهذا الواحد قولا واحدا لأن المقر له يحصل له قيمة المقتولين فبقى أثر الاقرار بالقيمة بخلاف الموت فانه لا يحصل للمقر له شئ فوقع الخلاف هناك لذلك، وان قتلوا كلهم فله قيمة أحدهم ويرجع فى التعيين اليه. وان قال:
غصبتك هؤلاء العبيد الا واحدا وماتوا الا واحدا قبل تفسيره به وجها واحدا لأن المقر له يستحق قيمة الهالكين فلا يقضى التفسير بالباقى الى سقوط الاقرار فكان كحالة القتل حيث بقى أثر الاقرار بالقيمة، بخلاف حالة الموت بدون غصب.
ولو قال: له على ألف الا شيئا صح الاستثناء وعليه التفسير ولا يقبل تفسيره بأكثر من خمسمائة لأن الشئ يحتمل القليل والكثير لكن لا يجوز استثناء الأكثر فتعين حمله على مادون النصف، وكذلك ان قال: الا قليلا لأنه مبهم فأشبه قوله: الا شيئا.