للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولها قبله؛ أي قبل هذا القول بما يكذبها بأن شهدت بأنها قالت: لم أحض أصلًا أو لم أحض ثالثة وليس بين قوليها ما يمكن أن تحيض فيه فتصح رجعته، فإن لم يقمها لم تصح، ولو رجعت لتصديقه أو أشهد الزوج كان برجعتها في العدة فصمتت يومًا أو بعضه ثم قالت: كانت عدتى قد انقضت قبل إشهادك برجعتى فتصح رجعته وتعد نادمة، ومفهوم صمتت أنها لو بادرت بالإنكار لم يصح إن مضت مدة يمكن فيها انقضاء العدة (١).

[مذهب الشافعية]

أولًا: إنكار الطلاق

جاء في (المهذب): أنه إذا اختلف الزوجان فادعت المرأة على الزوج أنه طلقها وأنكر الزوج، فالقول قوله مع يمينه؛ لأن الأصل بقاء النكاح وعدم الطلاق. وإن اختلفا في عدده فادعت المرأة أنه طلقها ثلاثًا، وقال الزوج: طلقتها طلقة، فالقول قول الزوج مع يمينه؛ لأن الأصل عدم ها زاد على طلقة، وإن خيرها ثم اختلفا فقالت المرأة: اخترت، وقال الزوج: ما اخترت، فالقول قول الزوج مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الاختيار وبقاء النكاح، وإن اختلفا في النية، فقال الزوج: ما نويت، وقال المرأة: نويت، ففيه وجهان، أحدهما وهو قول أبى سعيد الإصطخرى - رحمه الله تعالى - أن القول قول الزوج؛ لأن الأصل عدم النية وبقاء النكاح، فصار كما لو اختلفا في الاختيار. والوجه الثاني وهو الصحيح أن القول قول المرأة، والفرق بينه وبين الاختلاف في الاختيار أن الاختيار يمكن إقامة البينة عليه، فكان القول فيه قوله، كما لو علق طلاقها بدخول الدار فادعت أنها دخلت وأنكر الزوج، والنية لا يمكن إقامة البينة عليها. فكان القول قولها، كما لو علَّق الطلاق على حيضها فادعت أنها حاضت وأنكر، وإن قال لها: أنت طالق في الشهر الماضي، وادعى أنه أراد من زوج غيره في نكاح قبله، وأنكرت المرأة أن يكون قبله نكاح أو طلاق، لم يقبل قول الزوج في الحكم حتى يقيم البينة على النكاح والطلاق، فإن صدقته المرأة على ذلك لكنها أنكرت أنه أراد ذلك فالقول قوله مع يمينه، فإن قال: أردت أنها طالق في الشهر الماضي بطلاق كنت طلقتها في هذا النكاح وكذبته المرأة، فالقول قوله مع يمينيه، والفرق بينه وبين المسألة قبلها أن هناك يريد أن يرفع الطلاق، وها هنا لا يرفع الطلاق، وإنما ينقله من حال إلى حال (٢).

ثانيًا: إنكار الخلع

جاء في (المهذب): أنه إذا اختلف الزوجان، فقال الزوج: طلقتك على مال وأنكرت المرأة بانت بإقراره ولم يلزمها المال؛ لأن الأصل عدمه، وإن قال: طلقتك بعوض، فقالت: طلقتنى بعوض بعد مضى الخيار بانت بإقراره. والقول في العوض قولها؛ لأن الأصل براءة ذمتها، وإن اختلفا في قدر العوض؛ أو في عينه أو صفته؛ أو في تعجيله تحالفا لأنه عوض في عقد معاوضة فتحالفا فيه على ما ذكرناه كالبيع. على ما كرر في البيع، فإذا تحالفا لم يرتفع الطلاق وسقط المسمى ووجب مهر المثل كما لو اختلفا في ثمن السلعة بعدما تلفت في يد المشترى. وإن قال: خالعتك على


(١) الشرح الكبير: ٢/ ٤٣١.
(٢) المهذب: ٢/ ١٠١ - ١٠٢.