للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خليل بقوله: وفى حمله على الشرط إن أطلق بأن كتب الموثق أمرها بيدها إن تزوج عليها ولم يعلم هل وقع ذلك في العقد أو بعد فلا مناكرة له، أو وقع الطوع فله المناكرة في ذلك؟ قولان، وقبل من الزوج المحلل أو المخير بيمين، إذا أوقعت الزوجة أكثر من واحدة إرادة الواحدة بعد قوله: لم أرد بالتمليك أو التخيير طلاقًا أصلًا، فقيل له: إذا لم ترده لزمك ما أوقعت فقال: أردت واحدة لاحتمال سهوه، قال عبد الرحمن بن القاسم: والأصح - وهو قول أصبغ - خلافه. وهو عدم القبول ويلزمه ما قضت به ولا نكره له إن دخل في تخيير مطلق غير مقيد بطلقة أو طلقتين، وإن قالت من فوّض لها الزوج: طلقت نفسى أو زوجى، سُئِلت بالمجلس وبعده عما أرادت؛ لأن جوابها محتمل، فإن أرادت الثلاث لزمت في التخيير فلا مناكرة له إن كانت مدخولًا بها، وناكر في التمليك مدخولًا بها أم لا، وكذا في التخيير لغير مدخولٍ بها، وإن قالت: أردت واحدة بطلت تلك الواحدة في التخيير في المدخول بها، بل يبطل التخيير من أصله، فإن لم يدخل لزمته، كما تلزمه بإرادتها في التمليك.

وإن قالت الزوجة: لم أرد عددًا معينًا فهل يحمل قولها: طلقت نفسى؛ على الثلاث فيلزم في التخيير إن دخل ناكر أو لا، كأن لم يدخل إذا لم يناكر، كالمحللة، يحمل على الواحدة؛ لأنها الأصل. فتلزم في التمليك مطلقًا، وفى التخيير لغير مدخول بها، ويبطل في المدخول بها عند عدم النية منها، لعدد تأويلان الأرجح الأول؛ لأنه قول ابن القاسم فيها، وهما جاريان في المخيرة والمحللة كما تقرر، والظاهر عند ابن رشد سؤالها في التخيير والتمليك عما أرادت إن قالت: طلقت نفسى أو على الصواب اخترت الطلاق؛ لأن طلقت نفسى هي ما قبلها، وليس لابن رشد فيها اختيار، وإنما سئلت؛ لأن (أل) تحتمل الجنسية فيكون ثلاثًا؛ والعهدية وهو الطلاق السنى. فيكون واحدة فيجرى وفيه جميع ما تقدم من التفصيل (١).

ثانيًا: إنكار الخُلع

جاء في (المدونة الكبرى): قلت: أرأيت إذا تصادقا في الخُلع واختلفا في الجُعل الذي كان به الخلع فقالت المرأة: خالعتنى بهذه الجارية، وقال الزوج: بل خالعتك بهذه الدار وهذه الجارية وهذا العبد. قال: في قول مالك الخلع جائز لا يكون للزوج إلا ما أقرت به المرأة من ذلك ويحلف إلا أن يكون له بينة على ما ادعى من ذلك؛ لأن مالكًا قال في رجل صالحته امرأته فيما بينه وبينها ووجب ذلك بينهما على شئ أعطته ثم إنه خرج ليأتى بالشهود ليشهد فيما بينهما فجحدت المرأة الصلح أن تكون أعطته على ذلك شيئًا؛ قال مالك: تحلف المرأة ويثبت الخلع على الزوج ولا يكون له من المال الذي ادعى شيئًا ويفرق بينهما؛ لأنه قد أقر بفراقها، قلت: فلو أن رجلًا ادعى أنه خالع امرأته على ألف درهم والمرأة تنكر الخُلع وأقام الزوج شاهدًا واحدة أنه خالعها على ألف درهم أيحلف مع شاهده ويستحق هذه الألف؟ قال: قول مالك أن ذلك له (٢).


(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه: ٢/ ٤٠٨ - ٤١٠.
(٢) المدونة الكبرى: ٥/ ٣٤٨.