للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأخير دفعه والتصرف فيه حيث يكون كليا كما هو المفروض إلى أن يطالبه المالك أو من يقوم مقامه (١).

[مذهب الإباضية]

جاء في شرح النيل أنه يجب قضاء دين وحسن تعجيله مع إمكان وقدرة، وإن غاب ربه طلبه الغريم حتى يقضى ما عليه، وقيل إن غاب بعد معاملته في بلده لزمه الإِيصاء له بما عليه. ولا يلزم المدين أن يخرج إلى غرمائه إذا ركبوا البحر إلا إن طالبوه فأبى أثم إلا أن أعسر ثم أيسر بعد أن خرجوا لزمه أن يصلهم حيث كانوا، ويأثم إثما كبيرا مطالب قادر على التأدية إن لم يؤد ما عليه من الحق لصاحبه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مطل الغنى ظلم" والظلم كبيرة، على أن المطل التأخير بعد الطلب، وقيل إذا بلغ الأجل وقدر على التأدية فلم يؤد أثم ولو لم يطالبه صاحب الحق إلا إن علم منه الرضى، وقيل لا يأثم حتى يطالب ويضيق عليه، قال في التاج قال ابن بركة رضى الله تعالى عنه: من عليه ديون كثيرة من أموال اغتصبها ومظالم ارتكبها ولا يملك قدر ما عليه لم يكن له عند الله أن يتصرف في ماله ويحبسه عن إنفاذه في ذلك إلا قدر ما يقوته كمثله، فإن باع أو وهب أو تزوج جاز عليه. وإن كانت الأموال من ديون تحملها من أربابها فلا يأثم بحبسها عنهم حتى يطلبوه بها ويضيقوا عليه ومن عرض عليه حقه بين له من أي وجه أو لم يبين ثم إنه لابد عند الإيصاء إلى ثقة من أن يشهد له شهودا يثقون به أو يعطيه ما يعطيه أو يتكفل له به الثقة من ماله لزمه قبوله أو إبراء غريمه، ولا يسعه السكوت ولا إنكاره ولا أن يقول لا أقبله ولا أن يقول إيت به في وقت آخر ولا أن يقول أمسكه عندك حتى أطلبه منك أو لا أقبضه حتى أشاور فلانا إلا أن رضى بذلك من عليه الحق إلا الإنكار فلا يرض به فإن شاء رجع به بعد الإِنكار من صاحبه على نية أن يؤديه بعد وإن عرض عليه ما دون حقه في الكمية أو في الجودة أو عرض عليه خلاف حقه أو بحضرة من يغصبه أو يسرقه منه أو حيث لا يجد له موضعا أو حاملا أو حيث لا يلزمه قبوله فله أن لا يقبل إلا أن عرض عليه ما دونه في الكمية أعنى في العدد على أن سيزيد له فإنه بقبضه إلا إن كان في قبضه ما يؤدى إلى سقوط باقيه، لكن إن عرض عليه فابرأ غريمه لم يلزم الغريم قبول الإبراء، بل أن لم يقبل الإبراء أدرك على صاحب الحق أن يقبضه لأن الإبراء هبة ولا يلزم قبول الهبة لكن لا إثم ولا إيصاء عليه (٢). ولا يبرئ غريما من دين وضعه كله أمام ربه حتى يأخذه إن امتنع من قبضه ويوصى له به ويشهد، وإن تقدم ذلك عند أحدهما كفى، وكذا إن أبى من قبضه فوضعه في حجره أو في يده ولم يمسكه لأن الحق متعلق بالذمة فلا يبرأ منه إلا بقبض أو تبرئة وإذا شخصه في الخارج بعد أن كان حقيقة في الذمة لم يخرج عن الذمة ولم يخرج ما شخصه من ملكه ولم يدخل ملك صاحب الحق، فإن قال له ضعه أمامى أو في حجرى أو في يدى ففعل أجزأه. وجوز وضع


(١) المرجع السابق جـ ٥ ص ٦٤ وما بعدها إلى ص ٦٦ نفس الطبعة.
(٢) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف أطفيش ص ٤٣٩ وما بعدها إلى ص ٤٤١ طبع محمد بن يوسف البارونى.