للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين ومثله كل ما وجب له عليه أو وضع بعضه إن لم يجد إلا ذلك البعض أو إلا وضع ذلك البعض إذا امتنع في يده إن وجد اليد وإلا فليقصد حجره أو يضعه أمامه إن لم يجد حجره أو لم يصلح حجره حيث يراه في قريب منه حيث تصله يده وإن لم يجد هذا القرب فليضع أمامه حيث يراه ولو في بعيد ويقصد القرب ما أمكن وإن وضعه في جانب أو خلف أو فوق أو تحت ورآه حال الوضع وكان الوضع في قريب أو في بعيد إن لم يجد القرب وكان بحيث يتمكن منه أجزأه على هذا القول لأن الضابط لذلك الرؤية والتمكن من القبض مع الامتناع منه، وقد مر أن مجرد التخلية تقبيض وإن كان لا يراه أمامه لضعف بصره أو في جهة من الجهات أو لعمى لم يجزه إلا الوضع في يده أو حجره وإن وضعه في غيرهما فمد إليه يده حتى مسه أو وضعه حيث يضبطه ويعرفه كان يجده في داره فيمتنع من قبضه فيضعه في موضع من مواضعها التي يعرفها ذلك الأعمى أو ضعيف البصر ويسمى له ذلك الموضع، ووجه القول بذلك أن تخليص الذمة واجب على من شغلت ذمته وهو من البر والتقوى فوجب على صاحب الحق القبض لوجوب الإِعانة على البر والتقوى فلما امتنع أسيغ الوضع لضرورة الامتناع مع ما علمت من أن مجرد التخلية تقبيض ولا يصح وضع البعض إلا إن لم يجد من عليه الحق إلا البعض لفقره أو لكونه في محل لا يجد فيه إلا البعض، وإن وضع البعض وقد أمكنه وضع الكل لم يبرأ إلا إن قبضه صاحبه أو رضيه ويبرأ بالدفع - على هذا القول - ما لم يمنع ربه من أخذه خوف من سالب أو جائر أو غيرهما كوالد يأخذ كل ما علم أنه مال ابنه ويمكن دخوله في السالب وكمديان يأخذه منه بالقهر والضابط أنه إذا منعه من أخذه خوف لم يحبز الوضع سواء خاف أن يؤخذ منه في موضعه أو في غير موضعه إذا حضر من يأخذ أو كان على طريقة التي لابد له منها أو حضر من يعلمه إذا مشى بعد على طريق الذي يأخذ وكان لا يجد المحيد عنها أو خاف أن يغلظ عليه الخراج أخذه، وقيل يبرأ ولو وضعه بحيث العدو، ففى الديوان: وإن رأى المديان العدو قد أقبل إليه فأعطى للغريم دينه فأبى أن يقبله منه فإنه لا يضعه له ولا يبرأ من ذلك إن فعله ومنهم من يرخص وإما إن وضع له الوديعة التي معه فقد برئ .. هذا كله إن كان من مكيل أو موزون أو معدود أو ممسوح وكان ربه عالما بكيله أو وزنه أو عدده أو مساحته من جنس ماله وإلا يكن من مكيل أو موزون أو معدود أو ممسوح أو لم يكن من جنس ماله فلا يبرأ بالوضع حتى يأخذه منه من له الحق ويتصور وضع الجزاف فيما اشتراه جزافا وامتنع من أخذه فلا يجوز وضعه، وقيل أيضا بالجواز وإن كان بنحو كيل وأخذ بعضه بعد أن اجتمع كله بلا نحو كيل ثم دفع له الباقي بلا معرفة كم هو فلا يجزئه الوضع، وقيل يجزيه، وفى الديوان: وأما ما لا يكال ولا يوزن كالحيوان فلا يبرأ منه حتى يقبضه، والجزاف إذا امتنع من قبضه من اشتراه وقد خلى بينه وبينه فحكمه حكم الدين لا حكم الأمانة لأنه ليس في يده أمانة لأنه قال له احمل مالك فأبى، والأمانة تكون في يد المؤتمن برضاه وهذا لم يرض، ولا يلزمه حفظه إذ ليس أمانة (١).


(١) المرجع السابق جـ ٤ ص ٥٠٦ وما بعدها إلى ص ٥٠٨ نفس الطبعة.