للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا، ويخرج على هذا أنه لا يجوز أن يستأجر الرجل ابنه لخدمته لأن خدمة الأب واجبة على الابن، ولا استئجار الزوج زوجته لخدمة منزل الزوجية لأنها واجبة عليها لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم الأعمال بين على وفاطمة، فكان عليها العمل فى البيت، ولأنه من ناحية أخرى عمل ينتفع به الأجير فلا يستحق عليه أجرا، ولا يجوز استئجار الرجل زوجته على ارضاع ولده منها بخلاف ارضاع ولده من غيرها، ولكن يجوز استئجارها لارضاعه اذا كانت الأجرة من مال الولد ليساره لأنها من نفقته ونفقة الولد فى ماله اذا كان له مال، ومن ثم جاز أن تستأجر المرأة زوجها للخدمة فى البيت أو لرعى غنمها لأن ذلك غير واجب عليه (١).

ومفاد ما تقدم من الفروع وتوجيهها جواز الاستئجار على ما هو مندوب أو فرض كفاية عند انشاء عقد الاجارة لأن المنفعة التى وقع عليها العقد حينئذ غير متعينة على الأجير لأنه انما يستحق الأجر بعمل يلزمه بعقد الاجارة لا بغيره.

[مذهب المالكية]

وذهب المالكية الى أنه لا تجوز الاجارة على ما هو مطلوب من الأجير بعينه قبل العقد ولو لم يكن فرضا كركعتى الفجر، بخلاف ما هو مطلوب منه على وجه الكفاية كغسل الميت أو حمله فيصح الاستئجار عليه ما لم يتعين ذلك على الأجير بخلاف صلاة الجنازة فلا يجوز الاستئجار عليها مطلقا.

ومقتضى ذلك أن المندوب من الصلاة والصوم لا يجوز الاستئجار عليه كما صرح بذلك الدسوقى فى تعليقه على هذا الموضوع، وقد صرح أيضا أن المندوبات مثل غيرها كالذكر والقراءة يجوز الاستئجار عليها، وجازت الاجارة على تعليم فقه وتعليم الفرائض، كما ذكر ذلك ابن يونس مخافة أن يقل تعلم العلم الشرعى ووسائله كعلم النحو والبيان ونحوها، وكذلك تجوز الاجارة على تعليم القرآن لقوله صلى الله عليه وسلم ان أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله تعالى (٢).

وسواء فى ذلك أن تكون الاجارة على تعليمه مشاهرة كل شهر بكذا أو وجيبة أو على حفظه جميعه أو جزء معين معلوم منه (٣).

[مذهب الشافعية]

وذهب الشافعية الى أنه لا يصح الاستئجار على فعل عبادة تجب فيها النية بحيث يتوقف حصولها على النية كالصلاة والصوم والامامة، ويدخل فى ذلك النفل والجهاد لأنه فرض وجوزوا الاستئجار على الحج والعمرة عن ميت ومعضوب (زمن لا يستطيع الحركة) وعلى نفقة وزكاة وكفارة وأضحية وهدى وذبح وصوم عن ميت،


(١) البدائع ج‍ ٤ ص ١٩١، ١٩٢.
(٢) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى علية ج‍ ٤ ص ١٤، ٢١، ٢٢.
(٣) الشرح الكبير للدردير ج‍ ٤ ص ١٦.