للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبهذا قال مالك والشافعى وابن حنبل والظاهرية (١)، وهم يستشهدون على وجه العموم - بأدلة نقلية وعقلية من أظهرها قوله تعالى: «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ٢» وفيها عموم لكل صغير وكبير عاقل ومجنون.

أما حديث «رفع القلم .. » السابق فانما أريد به عند القائلين بهذا الرأى رفع الاثم فى العبادات البدنية.

أما أبو حنيفة فقال: تجب الزكاة فى ثماره وزروعه ولا زكاة فى ماله من الذهب والفضة والماشية.

لأن تكليف المالك غير معتبر عنده فى زكاة الزروع والثمار خاصة (٣).

أما الزيدية: فان أكثر فقائهم يقولون بوجوبها فى مال المجنون.

يقول صاحب شرح الأزهار متى ثبت اسلام المالك لزمته الزكاة عاقلا كان أو غير عاقل، فيجب على ولى المجنون اخراج الزكاة من ماله، وان كان بعض علماء الزيدية يقولون أنه لا تجب الزكاة فى مال المجنون ومن هؤلاء العلماء زيد بن على والباقر والناصر (٤).

أما الإمامية: فيقولون: ان الزكاة تجب على البالغ العاقل الحر المالك المتمكن من التصرف.

وعلى هذا فالأصح فى المجنون عندهم أنه لا زكاة فى ماله الا فى الصامت (الذهب والفضة) اذا أنجر له الوالى استحبابا (٥).

ومن ثم يرون أن المجنون لا يضمن عند أفاقته اذا أهمل وليه فى دفع الزكاة عن ماله حال جنونه (٦).

وأيضا فان زكاة الفطر لا تجب عندهم على المجنون، لأن التكليف عندهم من شروط‍ وجوبها (٧)، لكن من زال جنونه قبل رؤية هلال شوال تجب عليه زكاة الفطر (٨).

أما الإباضية: فان فقاءهم اختلفوا فى وجوب الزكاة على المجنون وسبب اختلافهم هو اختلافهم فى مفهوم الزكاة الشرعية هل هى عبادة كالصلاة والصوم؟ أم هى حق واجب للفقراء على الأغنياء؟.

والصحيح عندهم أنها واجبة على الصغير والكبير واليتيم والمجنون لعموم الخبر فى قوله عليه السلام (أمرت أن آخذها من أغنيائكم، وأردها على فقرائكم (٩).

ومقتضى وجوبها فى مال المجنون حال جنونه أنها تلزم هذا المال بعد أفاقته اذا لم يكن وليه قد دفعها فى حال الجنون.

[الصيام]

[مذهب الحنفية]

قال أبو حنيفة: من جن شهر رمضان كله فلا قضاء عليه عند أفاقته - فان أفاق فى شئ منه قضى الشهر كله، لأنه أدرك جزءا من رمضان وهو عاقل فلزمه صيامه كما لو أفاق فى جزء من اليوم (١٠).


(١) انظر المغنى ج ٢ ص ٦٢٢ والمدونة الكبرى ج‍ ٢ ص ٩ - ١٠ ومختصر المزنى ج‍ ١ ص ٢١٠ والأم ج‍ ٢ ص ٢٣ والمحلى ج‍ ٥ ص ٢٠١
(٢) التوبة ١٠٣
(٣) راجع فى تفصيل هذا القول ومناقشات الاستدلال له:
الهداية وفتح القدير ج‍ ٢ ص ٣ وما بعدها.
(٤) شرح الأزهار ج‍ ١ ص ٤٥١
(٥) شرائع الاسلام ج‍ ١ ص ٧٧
(٦) المرجع السابق ص ٧٨
(٧) نفسه ص ٩١
(٨) نفسه ص ٩٢
(٩) الايضاح ج‍ ٢ ص ٣ والنيل ج‍ ١ ص ١١٧
(١٠) الهداية وفتح القدير ج‍ ٢ ص ٩٠