للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه شيئا من غير ماله عنده أصلا، فان أخذ دنانير عن دراهم أو دراهم عن دنانير أو شعيرا عن بر او دراهم عن عرض او نوعا عن نوع لا تحاش شيئا فهو فيما فيما يقع فيه الربا ربا محض وفيما لا يقع فيه الربا حرام بحت وأكل مال بالباطل. وكل ذلك مفسوخ مردود أبدا محكوم فيه بحكم الغصب الا ان لا يقدر على الانتصاف البته فيأخذ ما أمكنه مما يحل تملكه لا تحاش شيئا بمقدار حقه ولا مزيد فهذا حلال له برهان ذلك ما ذكرنا قبل من تحريم النبى صلّى الله عليه وسلّم الذهب والفضة والبر والتمر والشعير والملح الا مثلا بمثل عينا بعين ثم قال صلّى الله عليه وسلّم:

فاذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد والعمل الذى وصفنا ليس يدا بيد، بل أحدهم غائب ولعله لم يخرج من معدنه بعد فهو محرم بنص كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأيضا فروينا من طريق مسلم حدثنا محمد بن رفح - حدثنا الليث بن أسعد رضى الله تعالى عنه عن نافع ان سمع أبا سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنهما يقول: أبصرت عيناى وسمعت أذناى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا تبيعوا الورق بالورق الا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضه على بعض، ولا تبيعوا شيئا غائبا منه بناجز الا يدا بيد لما روى من طريق البخارى رضى الله تعالى عنه عن شعبة قال أخبرنى حبيب بن أبى ثابت قال سمعت أبا المنهال قال سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضى الله تعالى عنهم عن الصرف فكلاهما يقول:

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا (١).

[مذهب الزيدية]

جاء فى التاج المذهب: أنه لو كان فى ذمة رجل لرجل طعام فقضاه من جنس ذلك الطعام أو من غير جنسه صح ولو كان فى التحقيق مشتريا لما فى ذمته بهذا الطعام ولهذا لو أتى بلفظ‍ البيع صح وكذا ما فى الذمتين كالحاضر فيجوز ان يبيع ما فى ذمة صاحبه بما فى ذمته مع اختلاف الجنس أو النوع أو الصفة فأما مع الاتفاق فيتساقطان (٢).

[مذهب الإمامية]

جاء فى الروضة البهية أنه يصح بيع دين القرض بحال وان لم يقبض من المديون وغيره حالا كان هذا الدين أم مؤجلا ولا يمنع تعذر قبضة حال البيع من صحته لأن الشرط‍ امكانه فى الجملة لا حالة البيع، ولا فرق فى بيعه بالحال بين كونه شخصا أو مضمونا على الأقوى للأصل وعدم صدق اسم الدين عليه هذا اذا بيع بحال أما اذا بيع بمؤجل فلا يصح لانه بيع دين بدين. وفيه نظرا لان الدين الممنوع منه ما كان عوضا حال كونه دينا، والمضمون عند العقد ليس بدين وانما يصير دينا بعده فلم يتحقق بيع الدين به، ولأنه يلزم مثله فى بيعه بحال، والفرق غير واضح، ودعوى اطلاق اسم الدين عليه ان اراد وان قبل العقد ممنوع أو بعده فمشترك واطلاقهم له عليه عرفا اذا بيع به فيقولون باع فلان ماله


(١) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٥٠٣ مسئلة رقم ١٤٩٢ الطبعة السابقة
(٢) التاج المذهب لاحكام المذهب ج ٢ ص ٣٧٩ الطبعة السابقة.