للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في دار الحرب فأخذه واحد. وهو عند محمد فئ لمن أخذه كالصيد والحشيش (١).

ويعقد الأمان المؤقت كذلك للتجار الحربيين، ويمكنون من الإقامة اليسيرة - وهى مدة أقل من سنة - لأن في منعها قطع المسيرة والجلب وسد باب التجارة، ففصلوا بينها بسنة، فإذا دخل الحربى مستأمنا لم يمكن أن يقيم في دار الإِسلام سنة، لأن الأصل أن الحربى لا يمكن من الإقامة الدائمة في دارنا إلا بالاسترقاق أو الجزية لأنه يصير عند ذلك عينا لهم وعونا علينا فتلتحق المضرة بالمسلمين (٢). ويشترط لذلك أن يدخل مستأمنا أي طالبا للأمان، فلو دخل دارنا بلا أمان كان وما معه فيئا. ولو قال مسلم: أنا أمنته، لم يصدق إلا أن يشهد رجلان غيره (٣).

ولا يجوز عقد الأمان لجاسوس ونحوه ممن يضر أمانهم بالمسلمين.

ويجوز للإمام أن يوادع المرتدين حتى ينظر في أمرهم لأن الإِسلام مرجو منهم، فجاز تأخير قتالهم طمعا في إسلامهم (٤) ولكن لا يترك المرتد على ردته بأمان مؤقت ولا أمان مؤبد (٥).

وأما البغاة فيجوز إعطاؤهم الأمان. فلو دخل باغ بأمان فقتله عادل عمدًا لزمته الدية كما في المستأمن (٦).

[مذهب المالكية]

يُعقد الأمان للحربيين قبل الفتح وبعده وذلك إن لم يضر الأمان بالمسلمين بأن تكون فيه مصلحة أو استوت المصلحة وعدم الضرر (٧). وإذا أخذ الحربى وهو مقبل إلينا بأرضهم، فقال: جئت أطلب الأمان منكم، أو أخذ بأرضنا وقال: ظننت أنكم لا تعرضون لتاجر ومعه تجارة، أو أخذ بمن أرضنا وأرضهم وقال جئت أطلب الأمان فيرد إلى مأمنه ولا يجوز قتله ولا أسره ولا أخذ ماله إلا لقرينة كذب كوجود آلة الحرب معه فلا يرد ويرى الإِمام فيه ما يراه في الأسرى (٨) وإن رُدّ المؤمن إلينا بسبب ريح (مضاد للمركب) قبل الوصول لمأمنه فهو على أمانه السابق حتى يصل إلى مأمنه، فإذا أقام فليس للإِمام إلزامه الذهاب لأنه على الأمان. ومثل الرد بالريح رجوعه قبل وصوله ولو اختيارا على ظاهر كلام ابن يونس. وأما أن رجع بعد بلوغه مأمنه بريح أو غيرها، فقيل: الإمام مخير إن شاء أنزله، وإن شاء رده. وقيل هو حل. وقيل: إن رد غلبة فالإمام مخير، وإن رد اختيارا فهو حل (٩).

[مذهب الشافعية]

يعطى الأمان للحربى والعدد المحصور (١٠) ولا يمكن الحربى من دخول دار الإِسلام من غير حاجة، لأنه لا يؤمن كيده، فلعله دخل للتجسس أو شراء السلاح، فإن استأذن في الدخول لأداء


(١) ابن عابدين جـ ٤ ص ١٣٥.
(٢) الهداية جـ ٢ ص ١٥٤.
(٣) ابن عابدين جـ ٤ ص ١٦٨.
(٤) الهواء جـ ٢ ص ١٣٩
(٥) ابن عابدين جـ ٢ ص ٢٤٧ الطبعة السابقة
(٦) ابن عابدين جـ ٢ ص ٢٦٧.
(٧) الدسوقى جـ ٢ ص ١٨٥ و ١٨٦.
(٨) الشرح الصغير جـ ٢ ص ٢٨٩ (الطبعة السابقة)
(٩) الشرح الصغير جـ ٢ ص ٢٨٩ جـ ٢٩٠ وانظر حاشية الدسوقى ٢٠/ ١٨٦.
(١٠) قليوبى وعميرة جـ ٤ ص ٢٢٥ و ٢٢٦.