للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب المالكية]

وفى مذهب المالكية: أن القرينة طريق للقضاء، فقد عقد فى التبصرة بابا للقضاء بما يظهر من قرائن الأحوال والأمارات ذكر فيه طرفا من أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالأمارات فقال:

«ومنها ما ورد فى الحديث فى قضية الأسرى من قريظة كما حكم فيهم سعد، أن تقتل المقاتلة وتسبى الذرية، فكان بعضهم يدعى عدم البلوغ.

فكان الصحابة يكشفون عن مؤتزريهم فيعلمون بذلك البالغ من غيره، هذا من الحكم بالإمارات، ومنها حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده بالقافة وجعلها دليلا على ثبوت النسب، وليس فيها إلا مجرد الإمارات والعلامات، ومنها حكم عمر بن الخطاب رضى الله عنه والصحابة معه متوافرون برجم المرأة إذا ظهر بها حمل ولا زوج لها.

وقال بذلك مالك وأحمد بن حنبل اعتمادا على القرينة الظاهرة ومنها حكم عمر بن الخطاب وابن مسعود وعثمان رضى الله عنهم، ولا يعلم لهم مخالف بوجوب الحد على من وجد من فيه رائحة الخمر أو قاءها اعتمادا على القرينة الظاهرة.

ثم قال: قال ابن العربى: على الناظر أن يلحظ‍ العلامات إذا تعارضت فما ترجح منها قضى بجانب الترجيح ولا خلاف فى الحكم بها.

وقد جاء العمل بها فى مسائل اتفقت عليها الطوائف الأربعة. وبعضها قال به المالكية خاصة:

الأولى: أن الفقهاء كلهم يقولون بجواز وط‍ ء الرجل المرأة إذا زفت إليه ليلة الزفاف وإن لم يشهد عنده عدلان من الرجال بأنها زوجته اعتمادا على القرينة الظاهرة وعد نحو خمسين مسألة: اعتمد فى الحكم فيها على القرائن والأمارات (١).

[مذهب الحنابلة]

وفى مذهب الحنابلة: يقول صاحب كشاف القناع (٢): «ولو وجد على دابة مكتوب: حبيس فى سبيل الله، أو وجد على باب دار أو على حائطها، وقف أو مسجد أو مدرسة حكم بما هو مكتوب على هذه الأشياء المذكورة، لأن الكتابة عليها أمارة قوية فعمل بها، لا سيما عند عدم المعارضة، وأما إذا عارض ذلك بينة لا تتهم ولا تستند إلى مجرد اليد، بل نذكر سبب الملك واستمراره، فإنها تقدم على هذه الأمارات.

وأما إن عارضها مجرد اليد لم يلتفت إليها، فأن هذه الأمارات بمنزلة البينة والشهادة واليد ترفع لذلك.

قال ابن القيم فى الطرق الحكمية فى آخر الطريق الثالث والعشرين: ولو وجد على


(١) تبصرة الحكام ج‍ ٢ ص ٩٦ وما بعدها.
(٢) ج‍ ٦ ص ٣٥٤ وما بعدها.