للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسباب فليس على الجانى شئ منها وتسقط‍، لأن الدية تلزم العاقلة ابتداء بدليل أنه لا يطالب بها غيرهم ولا يعتبر رضاهم بها فلا تجب على غير من وجبت عليه.

وقيل: ان أعسرت العاقلة بها وتعذر أخذها من بيت المال فانها تجب فى مال الجانى.

قال صاحب المغنى: وهذا أولى من اهدار دم الانسان فى أغلب الأحوال فانه لا يكاد توجد عاقلة تحمل الدية كلها، ولا سبيل الى الأخذ من بيت المال فتضيع الدماء.

واختاره أيضا ابن تيميه.

وان كان الجانى ذميا فالدية تجب فى ماله عند اعسار عاقلته بأدائها بدون خلاف، لأن بيت مال المسلمين لا يتحمل الدية عنه (١).

[مذهب الظاهرية]

لا يجب شئ من الدية على من أعسر بنصيبه منها، لقوله تعالى:

«لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها» فصح يقينا أن المعسرين خارجون مما تكلفه العاقلة (٢).

وان أعسرت العاقلة كلها بالدية وكذلك الغرة تكون على جماعة المسلمين فى سهم الغارمين من الزكاة والصدقات لأنهم مدينون معسرون فحقهم فى سهم الغارمين بنص القرآن.

ولا تؤخذ الدية عند اعسار العاقلة بها من مال الجانى، لأنه لم يأت نص ولا اجماع بأن الجانى يغرم معهم شيئا من الدية فلم يحل أن يخرج من ماله شئ (٣).

وكذلك ان وجبت الدية فى مال الجانى وكان معسرا لا مال له ولا عاقلة فهى فى سهم الغارمين على ما ذكر (٤).

[مذهب الزيدية]

لا فرق فى وجوب الدية على العاقلة بين موسرهم ومعسرهم فالمعسر يحمل منها أقل من عشرة دراهم كما يحمل الموسر سواء بسواء ولا يستثنى للمعسر شئ، لأنه ممن يتناصر بهم الجانى والمحمول شئ يسير فعم الوجوب وما لزمه منها فى حالة اعساره يكون من جملة ديونه. ولا يجب عليه التكسب لذلك بل يبقى دينا فى ذمته يؤديه متى أيسر فان تعذر فلا شئ عليه. فاذا لم يكن للجانى عاقلة أو كانت ولم يف ما تحملوه لقلتهم أو لكثرة اللازم وأعسر الجانى بالدية كلها أو بعضها أخذت الدية كلها أو بعضها - من بيت المال مقسطة فى ثلاث سنين. فاذا لم يكن هناك بيت مال تحمل الدية


(١) كشاف القناع وشرح المنته بهامشه ج ٤ ص ٣٦، ٣٩، ٥٢، ٥٧، المغنى والشرح الكبير ج ٩ ص ٤٩٢، ٥٢١ - ٥٢٦، ٥٤٦، ٥٦٣، الاختيارات العلمية لابن تيميه بنهاية فتاويه ج ٤ ص ١٧٤ مطبعة كروستان العلمية بالقاهرية سنة ١٣٢٩
(٢) المحلى ج ١١ ص ٥٦ رقم ٢٣٤٣
(٣) المحلى ج ١١ ص ٥٦ رقم ٢١٤٢
(٤) المحلى ج ١٠ ص ٣٨٨ رقم ٢٠٢٣