للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومحمد جوزها اذا كان صواب الرجل أكثر من أخطائه.

[مذهب المالكية]

جاء فى الحطاب (١): قال ابن سلمون فى وثائقه: سئل ابن رشد فى الفتوى وصفة المفتى فقال: الذى أقول به فى ذلك أن الجماعة التى تنسب الى العلوم وتتميز عن جملة العوام بالمحفوظ‍ والمفهوم تنقسم على ثلاث طوائف:

طائفة: اعتقدت صحة مذهب مالك تقليدا بغير دليل فأخذت أنفسها بحفظ‍ مجرد أقواله وأقوال أصحابه فى مسائل الفقه دون التفقه فى معانيها بتمييز الصحيح منها والسقيم.

وطائفة اعتقدت صحة مذهبه بما بان لها من صحة أصوله التى بناه عليها فأخذت أنفسها بحفظ‍ مجرد أقواله وأقوال أصحابه فى مسائل الفقه وتفقهت فى معانيها فعلمت الصحيح منها الجارى على أصوله من السقيم الخارج الا أنها لم تبلغ درجة التحقيق بمعرفة قياس الفروع على الاصول.

وطائفة اعتقدت صحة مذهب بما بان لها أيضا من صحة أصوله لكونها

عالمة بأحكام القرآن عارفة بالناسخ والمنسوخ والمفصل والمجمل والخاص من العام عالمة بالسنن الواردة فى الاحكام مميزة بين صحيحها من معلولها عالمة بأقوال العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الامصار، وبما اتفقوا عليه واختلفوا فيه، عالمة من علم اللسان بما يفهم به معانى الكلام عالمة بوضع الادلة فى مواضعها.

فأما الطائفة الاولى فلا يصح لها الفتوى بما علمته وحفظته من قول مالك وقول أحد من أصحابه، اذ لا علم عندها بصحة شئ من ذلك، اذ لا يصح الفتوى بمجرد التقليد من غير علم، ويصح لها فى خاصتها ان لم تجد من يصح لها أن تستفتيه، أو تقلد مالكا أو غيره من أصحابه فيما حفظته من أقوالهم.

وان لم يعلم من نزلت به نازلة من يقلده فيها من قول مالك وأصحابه فيجوز للذى نزلت به النازلة أن يقلده فيما حكاه له من قول مالك فى نازلته، ويقلد مالكا فى الاخذ بقوله فيها، وذلك أيضا اذا لم يجد فى عصره من يستفتيه فى نازلته فيقلده فيها، وان كانت النازلة قد علم فيها اختلافا من قول مالك وغيره فأعلمه بذلك، كان حكمه فى ذلك حكم العامى اذا استفتى العلماء فى نازلته فاختلفوا عليه فيها، وقد اختلف فى ذلك على ثلاثة أقوال:

أحدها أنه يأخذ بما شاء من ذلك.


(١) مواهب الجليل لشرح مختصر سيدى خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالحطاب فى كتاب مع التاج والاكليل ج‍ ٦ ص ٩٤، ص ٩٥ الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨ هـ‍ طبع مطبعة السعادة بمصر.