المتون المعتبرة من المتأخرين مثل صاحب الكنز وصاحب المختار وصاحب الوقاية وصاحب المجمع وشأنهم أن لا ينقلوا الاقوال المردودة والروايات الضعيفة.
السابعة: طبقة المقلدين الذين لا يقدرون على ما ذكر، ولا يفرقون بين الغث والسمين.
وبعد ما جاء فى الدر من أن المقيد على سبع مراتب مشهورة قال: وأما نحن فعلينا اتباع ما رجحوه وما صححوه كما لو أفتوا فى حياتهم.
فان قلت قد يحكون أقوالا بلا ترجيح وقد يختلفون فى الصحيح، قلت: يعمل بمثل ما عملوا من اعتبار تغير العرف وأحوال الناس، وما هو الارفق، وما ظهر عليه التعامل، وما قوى وجهه، ولا يخلو الوجود عمن يميز هذا حقيقة لا ظنا وعلى من لم يميز أن يرجع لمن يميز لبراءة ذمته.
وجاء فى البحر الرائق (١): أنه لا يفتى الا المجتهد، وقد استقر رأى الاصوليين على أن المفتى هو المجتهد، فأما غير المجتهد ممن يحفظ أقوال المجتهد فليس مفتيا، والواجب عليه اذا سئل أن يذكر قول المجتهد كأبى حنيفة على جهة الحكاية فعرف أن ما يكون فى زماننا من
فتوى الموجودين ليس بفتوى بل هو نقل كلام المفتى ليأخذ به المستفتى، وطريق نقله لذلك عن المجتهد أحد أمرين.
اما أن يكون له سند فيه.
أو يأخذه من كتاب معروف تداولته الايدى نحو كتب محمد بن الحسن ونحوها من التصانيف المشهورة للمجتهدين، لانه بمنزلة الخبر المتواتر أو المشهور هكذا ذكر الرازى.
فلو كان حافظا للاقاويل المختلفة للمجتهدين ولا يعرف الحجة ولا قدرة له على الاجتهاد للترجيح، فلا يقطع بقول منها يفتى به، بل يحكيها للمستفتى، فيختار المستفتى ما يقع فى قلبه أنه الاصوب.
ومن لم يبلغ رتبة الاجتهاد بل وقف على أصول امامه وتمكن من قياس ما لم ينص عليه على المنصوص فليس بمقلد فى نفسه بل هو واسطة فان نص صاحب المذهب على الحكم والعلة الحق بها غير المنصوص، ولو نص على الحكم فقط فله أن يستنبط العلة ويقيس وليقل هذا قياس مذهبه لا قوله.
وان اختلف نص أمامه فى مشتبهين فله التخريج من أحدهما الى الاخرى.
وفى التتار خانية فصلان فى الفتوى، حاصل الاول: أن أبا يوسف قال: لا تحل الفتوى الا لمجتهد.
(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج ٦ من ص ٢٨٩ إلى ص ٢٩٢ الطبعة السابقة.