للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو يأكل التمر كله، أو الجانب الذى وقعت فيه كله، فهذا يحنث بلا خلاف بين أهل العلم، لأنه أكل التمرة المحلوف عليها.

الثانى: أن يتحقق أنه لم يأكلها، لما بأن لا يأكل من التمر شيئا، أو أكل شيئا يعلم انه غيرها، فلا يحنث أيضا بلا خلاف، ولا يلزمه اجتناب زوجته.

الثالث: أكل من التمر شيئا أما واحدة أو أكثر، الى أن لا يبقى منه الا واحدة، ولم يدر هل أكلها أم لا؟ فهذه مسألة الخرقى، فلا يتحقق حنثه، لأن الباقية يحتمل أنها المحلوف عليها، ويقين النكاح ثابت، فلا يزول بالشك، فعلى هذا يكون حكم الزوجية باقيا فى لزوم نفقتها وكسوتها ومسكنها، وسائر أحكامها، الا الوط‍ ء، فان الخرقى قال: يمنع وطأها، لأنه شاك فى حلها فحرمت عليه، كما لو اشتبهت عليه امرأته بأجنبية.

وذكر أبو الخطاب: أنها باقية على الحل، لأن الأصل الحل، فلا يزول بالشك كسائر أحكام النكاح، ولأن النكاح باق حكما فأثبت الحل، كما لو شك هل طلق أم لا.

وان كانت يمينه ليأكلن هذه التمرة فلا يتحقق بره حتى يتحقق أنه أكلها.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى (١): أن من حلف على أن لا يفعل أمرا فشك أفعل ما حلف أن لا يفعله أم لا؟ فلا كفارة عليه، ولا اثم.

ومن حلف على ما لا يدرى أهو كذلك أم لا؟ وعلى ما قد يكون ولا يكون كمن حلف لينزلن المطر غدا فنزل أو لم ينزل فلا كفارة فى شئ من ذلك، لأنه لم يتعمد الحنث.

ولا كفارة الا على من تعمد الحنث وقصده لقول الله تعالى «وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ٢».

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار (٣) أن الكفارة لا تلزم فى اليمين اللغو، وهى ما ظن صدقها فانكشف خلافه مما عدا المعقودة.

وهذا يدخل فيه الماضى والحال والاستقبال.

وان التبسا المعين (٤) المحلوف منه بغيره، لم يحنث ما بقى قدره.

فلو حلف لا أكل هذه الرمانة المعينة فاختلطت بمحصورات، فأكلهن الا واحدة، لم يحنث، لاحتمال أن تكون هى الباقية،


(١) المخلى لأبن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٣٥ مسألة رقم ١١٣١.
(٢) الاية رقم ٨٩ من سورة المائدة.
(٣) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح ج ٤ ص ٨، ص ٩ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ج ٤ ص ٢٠، ص ٢١ الطبعة السابقة.