للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يجبره على طلاقهن عندنا (١) وحجتنا في ذلك قول الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (٢) فهذا تنصيص على أن المعسر منظر ولو أجلته في ذلك لم يكن لها أن تطالب بالفرقة فكذلك إذا استحق النظرة شرعا إلا أن المستحق بالنص التأخير فلا يلحق به ما يكون إبطالا لأن ذلك فوق المنصوص وفى حق المملوك يكون إبطالا لأنه لا يثبت للمملوك على مولاه دين فإما في حق الزوجية يكون تأخيرا لا إبطالا وبهذا يتبين أنه غير عاجز عن معروف يليق بحاله وهو الالتزام في الذمة فإن المعروف في النفقة على الموسع قدره وعلى المقتر قدره وهو الإلتزام في الذمة.

[مذهب المالكية]

في "الفروق" للقرافى: المعسر يفسخ عليه نكاحه بطلاق في حق من ثبت لها الإنفاق جناء في التاج والإكليل (٣) أن ابن الحاجب قال في المختصر: ويثبت للمرأة حق الفسخ بالعجز عن النفقة الحاضرة لا الماضية حرين كان الزوجان أو عبدين أو مختلفين ما لم تكن عرفت فقره ورضيت به قبل العقد أو عرفت أنه من السؤال فيأمره الحاكم بالإنفاق أو الطلاق فإن أبى طلق عليه بعد التلوم ومدة التلوم شهر وروى ثلاثة والصحيح أنه يختلف برجاء يسره وجاء في الحطاب (٤) أنه إن أثبت الزوج عسره تلوم له القاضي باجتهاده قال في التوضيح ولا يمين على الرجل إن صدقته المرأة على عسره إذ لا يحتاج إلى إقامة بينه وأما إن لم تصدقه فلابد من بينة على الإعسار واليمين ثم يتلوم له القاضي على القول المشهور المعمول به وقيل: يُطلق عليه من غير تلوم وعلى المشهور اختلف في مقدار التلوم فلمالك في المبسوط أنه اليوم ونحوء مما لا يُضر بها الجوع، ولمالك في الواضحة الثلاثية الأيام والصحيح أنه يختلف بالرجاء وعدمه (أي رجاء يسره وعدمه) وهو مذهب المدونة قال فيها ويختلف التلوم فيمن يرجى له وفيمن لا يرجى له ثم قال في الحطاب (٥): من لم يثبت عسره وامتنع من الإنفاق والطلاق فتارة يقر بالملاءة وتارة يدعى العسر فإن ادعى العسر تلوم له وإن أقر بالملاءة حكى بن عرفه في ذلك قولين أحدهما أنه يعجل عليه الطلاق والثانى أنه يسجن حتى ينفق وعليه إن كان له مال ظاهر أخذت النفقة منه كرها وقال المنبطى وغيره من الموثقين: إن ادعى العدم وصدقته نظر في تأجيله وإن كذبته فبعد إثبات عدمه وحلفه. وحكم الغائب في الطلاق بعدم النفقة كحكم الحاضر قال في التوضيح وهو المشهور وقال القابس لا يطلق على غائب لأنه لم يستوف حجته وعلى الأول فلابد أن تكتب الزوجة وأنه قد دخل بها أو دعا إلى الدخول والغيبة بحيث لا يعلم موضعه أو علم ولم يمكن الإعذار إليه فيه وأما إن علم وأمكن الإعذار إليه فإنه يعذر إليه ولابد أن تشهد لها البينة بأنها لا تعلم أن الزوج ترك لها نفقه ولا كسوة ولا أنه بعث إليها بشئ وصل إليها في علمهم إلى هذا الحين ثم بعد ذلك يضرب لها أجلا على حسب ما يراه ثم يحلفها على ما شهدت لها البينة وحينئذ إن دعت إلى الطلاق طلقها هو أو أباح لها التطليق وفى الإعسار بالمهر جاء في الحطاب (٦) إن كان الزوج الذي منعته إليه.


(١) المرجع السابق جـ ٥ صـ ١٩١ نفس الطبعة المتقدم.
(٢) آية ٨٢ سورة البقرة.
(٣) التاج والإكليل بهامش الحطاب جـ ٤ ص ١٩٤. ص ١٩٥ طبع مطبعة السعادة بمصر طبعة أولى سنة ١٣١٩ هـ.
(٤) الحطاب وبهامشه التاج والإكليل جـ ٤ ص ١٩٥ نفس المطبع المتقدمة.
(٥) المرجع السابق جـ ٣ ص ٥٥ الطبعة السابقة.
(٦) المرجع السابق جـ ٣ ص ٥٠٥.