للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقتنا فى تونس لأن العرف قد تقرر فيها بفسخ الاجارة بكثرة المطر ونزول الخوف، وهذا كله فى تخلف المكترى للعذر أما لو خالف المكرى فلم يأت بالدابة فليس له الأجر وليس له الا دابته وان كراها أياما فتخلف بعضها فبحسابه كالعبد المستأجر شهرا بعينه يمرض فى بعضه فتنفسخ اجارته أيام مرضه (١) وفى المواق عن مالك اذا استؤجرت دابة فى يوم لزفاف عروس فلم تزف فيه أن عليهم الكراء وجاء فى قول أن الكراء ينفسخ لذهاب اليوم المعين ويرد الكراء ان دفع ولا يستعمل ليوم آخر لأنه فسخ دين فى دين وبالقول الأول أخذ بعض المالكية غير أنه قيده بما اذا كان التأخير اضطرارا والا كان الكراء واجبا (٢)، والظاهر من هذه النصوص أن المذهب فى مسائل العذر الطارئ على القول باعتباره هو أن الاجارة تنفسخ دون احتياج الى فسخها من صاحب العذر وأنه لا عذر للمكرى معتبرا انما المعتبر عذر المكترى وجاء فى العقد المنظم: اذا مرض الأجير فى مدة الاجارة لم تنفسخ الاجارة بمرضه فاذا صح قبل انتهاء المدة لزمه العمل فى باقيها وله من الأجر بقدر عمله الا أن يتفقا على الفسخ (٣) وجاء فيه أيضا: اذا انقطع طحن الرحا من فتنة نزلت بالبلد حتى خلا أهله ولم يفشها أحد سقط‍ الكراء عن المكترى فى مدتها وكذلك الفنادق المعدة لنزول الواردين اذا انقطع ورودهم بسبب فتنة فى البلد وكذلك الحال فى الأفران اذا حدث غلاء أو جوع وهرب الناس فلم يكن فى جيرانه من يطبخ فيه أو قل فيه الطبخ فتلك جائحة يحط‍ من الكراء بقدرها اذا علم ذلك قاله الحافظ‍ أبو عمرو وغير واحد من الشيوخ وفى مسائل ابن رشد: اذا قل الواردون للرحا المكتراة لجهد أصاب ذلك المكان وما أشبه ذلك أو قل الواردون لسكنى الفنادق المكتراة المتخذة للنزول فيها من فتنة أو خوف أو ما أشبه ذلك أو حدث ذلك بالنسبة للرحا المكتراة كان المكترى لها مخيرا بين أن يتمسك بكرائه أو يفسخه فان سكت حتى مضت المدة أو بعضها لزمه جميع الكراء ولا يسقط‍ الكراء الا بجلاء أهل ذلك الموضع حتى تبقى الرحا معطلة والفنادق خالية ولا يلزم المكرى اذا قلت الفائدة أن يحط‍ عن المكترى من كرائه ما نقصه بغير رضاه وانما يكون الخيار للمكترى على ما ذكرناه.

[مذهب الشافعية]

يرى الشافعية: أن الاجارة لا تنفسخ بالأعذار سواء أكانت عينية أم فى الذمة فلا يفسخها أحد العاقدين بعذر لا يوجب خللا فى المعقود عليه كتعذر وقود حمام على من استأجره أو عدم دخول الناس فيه لفتنة أو خراب ما حوله وتعذر سفر فى اجارة دابة للسفر بسبب خوف أو مرض مستأجرها ولكن التعذر الشرعى يوجب الانفساخ كأن استأجر طبيبا لخلع ضرس فبرئ قبل أن يخلعه (٤).

[مذهب الحنابلة]

لا يرى الحنابلة أن الاجارة تفسخ بعذر يطرأ على المستأجر انما تفسخ بتلف العين


(١) ج‍ ٢ ص ١٩٨.
(٢) المواق ج‍ ٥ ص ٤٣٢.
(٣) العقد المنظم ج‍ ١ ص ٢٨٣، ٢٩٢.
(٤) نهاية المحتاج ج‍ ٥ ص ٣١٢.