للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من حق، بل كل ذلك حرام عليه، فان لم يجد ما يأكل فليتب مما هو فيه وليمسك عن البغى وليأكل حينئذ وليشرب مما اضطر اليه حلالا له فان لم يفعل فهو عاص لله تعالى فاسق آكل حرام وذلك لقول الله تعالى «فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (١) وقوله «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» (٢) فانما أباح الله تعالى ما حرمه بالضرورة لمن لم يتجانف لاثم ومن لم يكن باغيا ولا عاديا (٣).

[مذهب الزيدية]

جاء فى التاج المذهب أن المباح من أكل الميتة عند الضرورة لمن خشى التلف فى الحال أو فى المآل انما هو سد الرمق منها فقط‍ والمراد بسد الرمق أنه متى خشى التلف جاز له أن يسد الجوعة بما لا يتضرر بالنقص منه دون الشبع والمراد بالتلف ذهاب الروح ونحوه فساد عضو من أعضائه أو حاسة من حواسه.

ولا بأس على المضطر فى أن يتزود منها اذا خشى أن لا يجدها فان لم يمكنه أن يتزود منها حل الشبع منها ما لم يمكنه أن يترك السفر.

ويقدم وجوبا الأخف من ذلك فالأخف عند الاضطرار ولا يعدل الى الأغلظ‍ تحريما مع وجود الأخف فمن أبيح له الميتة قدم ميتة المأكول ثم ميتة غير المأكول ثم فى ميتة غير المأكول يقدم ميتة الكلب ثم ميتة الخنزير ثم ميتة الدب، ثم الحربى حيا المكلف الذكر بعد الذبح بضرب العنق الشرعى أو ميتا، ثم ميتة الذمى ثم ميتة المسلم ثم مال الغير بنية الضمان ثم دابة حية له غير المأكولة بعد ذبحها ثم دابة لغيره بنية الضمان الى بضعة من نفسه حيث لا يخاف من قطعها ما يخاف من الجوع (٤).

[مذهب الإمامية]

جاء فى الروضة البهية أنه يجوز للانسان عند الاضطرار أن يتناول المحرم من الميتة والخمر وغيرهما عند خوف التلف بدون التناول أو حدوث المرض أو زيادته أو الضعف المؤدى الى التخلف عن الرفقة مع ظهور أمارات العطب على تقدير التخلف.

ومقتضى هذا الاطلاق عدم الفرق بين الخمر وغيره من المحرمات فى جواز تناولها عند الاضطرار وهو فى غير الخمر موضع وفاق.


(١) الآية رقم ٣ من سورة المائدة.
(٢) الآية رقم ١٧٣ من سورة البقرة.
(٣) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٧ ص ٤٢٧، ص ٤٢٨ مسألة رقم ١٠٢٦ نفس الطبعة المتقدمة.
(٤) التاج المذهب لأحكام المذهب ج ٣ ص ٤٧٣ مسألة رقم ٣٤١ نفس الطبعة المتقدمة.