للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منها الاسكار فى تحريم الخمر.

ومنها السفر فى القصر والفطر.

وذكر الشوكانى (١) أن لها أسماء تختلف باختلاف الاصطلاحات.

فيقال لها السبب والامارة والداعى والمستدعى والباعث والحامل والمناط‍ والدليل والمقتضى والموجب والمؤثر.

وأما الحكمة فقد عرفها الشوكانى:

بأنها الحاجة الى جلب مصلحة أو دفع مفسدة، ونقل عن بعض الاصوليين أنها ان كانت ظاهرة منضبطة بنفسها جاز التعليل بها وهو اختيار الآمدى والصفى الهندى.

وفى دراسة الاصول ما يبين أن بين العلة والحكمة ارتباطا خصوصا على مذهب القائلين بأنها بمعنى الباعث.

ويتجلى الفرق بين هذه الامور الثلاثة فى جزئيات عديدة، منها أنهم يعللون مشروعية القصر فى الصلاة والفطر فى رمضان بالسفر الذى هو وصف ضابط‍ مشتمل على الحكمة المقصودة للشارع من شرع الحكم وهى دفع المشقة، وهذا الدفع نفسه يعتبر مصلحة للعباد ففى هذا المثال يتجلى أن العلة هى ذلك الوصف (السفر) وأن الحكمة هى دفع المشقة، ويترتب على ذلك التيسير الذى هو مصلحة:؟

ومنها أنهم يعللون تحريم الشارع للخمر باسكارها، ويقولون: ان الحكمة هى دفع ما يترتب على الاسكار من الشرور التى تنتج عن زوال العقل بسبب الاسكار وبذا تتحقق المصلحة وهى الامن من تلك المفاسد.

غير أن الذى يتناوله الاصوليون فى بحث المصلحة هو المصلحة باعتبارها دليلا مستقلا غير مرتبط‍ بغيره وهو ما يعبرون عنه بالمصالح المرسلة.

[مراتب المصلحة]

يبين الاصوليون أن مراتب المصلحة ثلاثة ولكل منها ما يكمله:

المرتبة الاولى: الضروريات وما يكملها.

وقد تقدم بيانها فى تصوير الغزالى لمفهوم المصلحة.

المرتبة الثانية: كما يعبر الغزالى: (٢)

ما يقع فى رتبة الحاجات من المصالح والمناسبات كتسليط‍ الولى على تزويج الصغيرة والصغير فذلك لا ضرورة اليه لكنه محتاج اليه فى اقتناء المصالح وتقييد الاكفاء خيفة من الفوات وطلبا للصلاح المنتظر فى المآل، وليس هذا كتسليط‍ الولى على تربيته وارضاعه، وشراء الملبوس والمطعوم لاجله فان ذلك من الضرورات. أما النكاح فى حال الصغر


(١) ارشاد الفحول ص ١٩٣ مطبعة السعادة
(٢) المستصغى ج‍ ١ ص ٢٨٩.