للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

[المكرهة على الزنا]

لا حد لمكرهة على الزنا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (عفى لأمتى عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وعن عبد الجبار ابن وائل عن أبيه ان امرأة استكرهت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فدرأ عنها الحد رواه الاثرم قال: وأتى عمر باماء من اماء الامارة استكرهن غلمانا من غلمان الامارة فضرب الغلمان ولم يضرب الاماء.

وروى سعيد باسناده عن طارق بن شهاب قال: أتى عمر بامرأة قد زنت فقالت انى كنت نائمة فلم أستيقظ‍ الا برجل قد جسم على فخلى سبيلها ولم يضربها ولأن هذا شبهة.

والحدود تدرأ بالشبهات ولا فرق بين الاكراه بالالجاء وهو وأن يغلبها على نفسها وبين الاكراه بالتهديد بالقتل ونحوه نص على ذلك الامام أحمد فى راع جاءته امرأة قد عطشت فسألته أن يسقيها فقال لها مكنينى من نفسك قال هذه مضطرة. وقد روى عن عمر رضى الله عنه ان امرأة استسقت راعيا فأبى أن يسقيها الا أن تمكنه من نفسها ففعلت فرفع ذلك الى عمر فقال لعلى ما ترى فيها؟ قال: أنها مضطرة فأعطاها عمر شيئا وتركها (١).

[المكره على الزنا]

أن أكره الرجل فزنا قال الأصحاب عليه الحد لأن الوط‍ ء لا يكون الا بالانتشار والاكراه ينافيه فاذا وجد الانتشار انتفى الاكراه فيلزمه الحد كما لو أكره على غير الزنا فزنا.

وأصح الأقوال أنه لا حد عليه لعموم الخبر ولأن الحدود تدرأ بالشبهات. والاكراه شبهة فيمنع الحد كما لو كانت امرأة يحققه أن الاكراه اذا كان بالتخويف أو يمنع ما تفوت حياته بمنعه كان الرجل فيه كالمرأة فاذا لم كجب عليها الحد لم يجب عليه (٢).

[الآثار المترتبة على الزنا كرها]

من غصب امرأة فاستكرهها على الزنا فعليه الحد دونها لأنها معذورة وعليه مهرها حرة كانت أو أمة فان كانت حرة كان المهر لها.

وان كانت أمة كان لسيدها. وفى رواية أخرى عن أحمد أن الثيب لا مهر لها ان كانت مكرهة على الزنا. وهو اختيار أبى بكر. والصحيح الأول لأنها مكرهة على الوط‍ ء الحرام فوجب لها المهر كالبكر الحلال (٣). كما يجب للبكر أرش بكارتها لأنه يدل عن جزء منها ولأنه محل أتلفه بعدوانه فلزمه أرشه كما لو أتلفه بأصبعه ويحتمل أن لا يجب لأن مهر البكر يدخل فيه أرش البكارة ولهذا يزيد على مهر الثيب عادة لأجل ما يتضمنه من تفويت البكارة. وان حملت الأمة فالولد مملوك لسيدها لأنه من نمائها وأجزائها، أما حقوق الله تعالى كالحد والتعزير والاثم فتسقط‍ عنها بالاكراه للعذر (٤).


(١) المغنى لابن قدامه ج‍ ١٠ ص ١٥٨، ١٥٩ والشرح ص ١٨٤.
(٢) المرجع السابق ج‍ ١٠ ص ١٥٩، ١٦٠ والشرح ص ١٨٥.
(٣) المغنى لابن قدامه ج‍ ٥ ص ٤١٢.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٤٠٧، ٤٠٨ والشرح ص ٤١٦.