للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك ببينة لم تقبل لأنه مكذب لبينته لأنه أكذب ببينته باقراره انه لا يشهد له أحد فاذا شهد له انسان كان تكذيبا له.

وان قال ما أعلم لى بينة ثم أتى ببينة سمعت منه لأنه يجوز أن تكون له بينة لم يعلمها ثم علمها قال ابو الخطاب رحمه الله تعالى ولو قال ما أعلم لى ببينة، فقال شاهدان نحن نشهد لك سمعت بينته (١).

ومن أدعى شهادة عدل فانكر العدل أن تكون عنده، ثم شهد بها بعد ذلك، وقال كنت انسيتها قبلت منه ولم ترد شهادته، وذلك لأنه يجوز أن يكون نسيها واذا كان ناسيا لها فلا شهادة عنده فلا نكذبه مع امكان صدقه، ولا يشبه هذا ما اذا قال لا بينة لى ثم أتى ببينة حيث لا تسمع - على ما مر - فان ذلك اقرار منه على نفسه بعدم البينة والانسان يؤاخذ باقراره، وقول الشاهد لا شهادة عندى ليس باقرار فان الشهادة ليست له انما هى حق عليه فيكون منكرا لها فاذا اعترف بها كان اقرار بعد الانكار وهو مسموع بخلاف الانكار بعد الانكار، ولأن الناسى للشهادة لا شهادة له عنده فهو صادق فى انكاره فاذا ذكرها صارت عنده فلا تنافى بين القولين وصار هذا كمن أنكر أن يكون عنده شهادة قبل ان يستشهد ثم استشهد بعد ذلك فصارت عنده بخلاف من انكر ان له بينة فانه لا يخرج عن ان يكون له بينة بنسيانها (٢).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أن كل من ادعى على أحد وأنكر المدعى عليه فكلف المدعى البينة فقال: لى بينة غائبة أو قال لا أعرف لنفسى بينة، أو قال لا بينة لى، قيل له: ان شئت فدع تحليفه حتى تحضر بينتك أو لعلك تجد بينة وان شئت حلفته وقد سقط‍ حكم بينتك الغائبة جملة فلا يقضى لك بها أبدا، وسقط‍ حكم كل بينة تأتى بها بعد هذا عليه ليس لك الا هذا فقط‍ فاى الامرين أختار قضى له به ولم يلتفت له الى بينة فى تلك الدعوى بعدها الا أن يكون تواتر يوجب صحة العلم، ويقينه أنه حلف كاذبا فيقضى عليه بالحق أو يقر بعد أن حلف فيلزمه ما أقر به (٣).

فإن لم يكن للطالب بينه وأبى المطلوب معه اليمين أجبر عليها أحب أم كره بالأدب.

ولا يقضى عليه بنكوله فى شئ من الأشياء أصلا ولا ترد اليمين على الطالب البتة ولا ترد يمين أصلا إلا فى ثلاثة مواضع فقط‍، وهى القسامة فيمن وجد مقتولا فانه ان لم تكن لأوليائه بينة حلف خمسون منهم واستحقوا القصاص أو الدية.

فان أبوا حلف خمسون من المدعى عليهم


(١) المرجع السابق ج ١٢ ص ١٥٩، ص ١٦٠ نفس الطبعة ..
(٢) المرجع السابق ج ١٢ ص ١٥٧ نفس الطبعة ..
(٣) المحلى لأبى محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم ج ٩ ص ٣٧١، ٣٧٢ مسئلة رقم ١٧٨٢، طبع ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٥١ هـ‍ ..