للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المستأجر فكذلك لأنه يعقب منفعة أربابها من جهة أنها ملك لمتاعه ولو شاء لم يدفعه وما يصدق فيه في دعوى التلف من الوديعة والبضاعة والقراض والشئ المستأجر وما لا يغاب عليه من الرهون والعوارى فالقول قوله في دعوى الرد مع يمينه إلا أن يكون قبضه ببينة.

مذهب الشافعية: (١)

أنه إذا قبض العين ضمنها لما روى صفوان رضى الله تعالى عنه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - استعار منه أدرعا يوم حنين فقال أغصبا يا محمد فقال بل عارية مضمونة ولأنه مال لغيره أخذه لمنعة نفسه لا على وجه الوثيقة فضمنها كالمغصوب فإن هلكت نظرت فإن كان مما لا مثل له ففى ضمانها وجهان أحدهما يضمنها بأكثر مما كانت قيمتها من حين القبض إلى حين التلف كالمغصوب وتصير الأجزاء تابعة للعين إن سقط ضمانها بالرد سقط ضمان الأجزاء وإن وجب ضمانها بالتلف وجب ضمان الأجزاء والثانى أنها تضمن بقيمتها يوم التلف وهو الصحيح لأنا لو ألزمناه قيمتها أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف أوجبنا ضمان الأجزاء التالفة بالإذن وهذا لا يجوز ولهذا لو كانت العين باقية وقد نقصت أجزاؤها بالاستعمال لم يجب ضمانها وإن كان مما له مثل فإن قلنا فيما لا مثل له أنه يضمن بأكثر ما كانت قيمته لزمه مثلها وإن قلنا إنه يضمن بقيمته يوم التلف ضمنها بقيمتها واختلفت أصحابنا في ولد المستعارة فضمنهم أنه مضمون لأنها مضمونة فضمن ولدها كالمغصوبة ومنهم من قال لا يضمن لأن الولد لم يدخل في الإعارة فلم يدخل في الضمان ويخالف المغصوبة فإن الولد يدخل في الغصب فدخل في الضمان فإن غصب عينا فأعارها من غيره ولم يعلم المستعير وتلفت عنده فضمن المالك المستعير لم يرجع بما غرم على الغاصب لأنه دخل على أنه يضمن العين وإن ضمنه أجرة المنفعة فهل يرجع على الغاصب فيه قولان بناء على القولين فيمن غصب طعاما وقدمه إلى غيره أحدهما يرجع لأنه غره والثانى لا يرجع لأن المنافع تلفت تحت يده.

[مذهب الحنابلة]

جاء في كتاب نيل المآرب (٢): إن العارية لا ضمان فيها في أربع مسائل بالتفريط الأول فيما إذا كانت العارية وقفا ككتب علم وأدراع موقوفة على الغزاة إذا استعارها لينظر فيها أو ليلبسها عند قتال الكفار وسلاح كسيف ورمح، والثانية. فيما إذا اعارها المستأجر والثالثة ما أشار إليها بقوله أو بليت فيما أعيرت له باستعمال بمعرف كما لو تلف الثوب المستعار بلبسه أو ذهب حمل المنشفة أو القطيفة والرابعة ما أشار إليها بقوله أو أركب إنسان دابته إنسانا منقطعا لله تعالى فتلفت الدابة تحت المنقطع لم يضمن تلفها لأنها بيد صاحبها لكون الراكب لم ينفرد بحفظها أشبه ما لو غطى ضيفه بلحاف


(١) المهذب لأبى إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن أحمد الفيروزابادى الشيرازى جـ ١ ص ٣٦٢ طبع مطبعة دار الجهاد للكتب العربية لأصحابها عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٣٨٨ هـ.
(٢) نيل المآرب بشرح دليل الطالب للشيخ الإمام عبد القادر بن عمر الشيبانى على مذهب: الإمام أحمد بن محمد بن حنبل - ١ ص ١٦٨ طبع مطبعة محمد على صبيح وأولاده بميدان الأزهر بمصر سنة ١٣٧٤ هـ سنة ١٩٥٤ م.